المنتدى القادرى
أعزاءنا الزوار ,مرحبا بكم، نود ان نلفت إنتباهكم بان تسجيل الدخول بعضوية ضروري لتتمكن من مشاهدة المواضيع الحصرية , فنرغب منكم ان تشاركونا بمشاركاتكم و مواضيعكم !
تفضلوا بالتسجيل
مع تحيات ادارة المنتدى القادرى
المنتدى القادرى
أعزاءنا الزوار ,مرحبا بكم، نود ان نلفت إنتباهكم بان تسجيل الدخول بعضوية ضروري لتتمكن من مشاهدة المواضيع الحصرية , فنرغب منكم ان تشاركونا بمشاركاتكم و مواضيعكم !
تفضلوا بالتسجيل
مع تحيات ادارة المنتدى القادرى
المنتدى القادرى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى القادرى

العقيدة + التصوف + القصص + الثقافةوالادب
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
إن المريد عندما يأتي لسلوك الطريقة ويتتلمذ على يد شيخه فينبغي أن يبدأ بالاستغفار والتوبة إلى الله تعالى فكان لابد على كل من يريد أن يسير إلى الله تعالى أن يصلح ما بينه وبين الله فينبغي أن يتوب إلى الله تعالى ويصلح من حاله مع الله ليبدأ حياة جديدة مع الله بدون ذنوب ولا معاصي فلا يليق بمن يريد أن يقف بين يدي ربه أن يلبس ثياب نجسة أو مسروقة أو مغصوبة بل ينبغي أن يتطهر وكذلك من أراد السير إلى الله ينبغي أن يتطهر من الذنوب والمعاصي والسبيل إلى ذلك كما جاء في أخبار كثيرة ونصوص صحيحة هو الاستغفار والتوبة . ومن هنا اتخذ الصالحون الاستغفار بداية للعهد والبيعة واختاروها بهذه الصيغة أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

 كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 10

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الشريف مالك
مشرف
مشرف
الشريف مالك


عدد المساهمات : 31
تاريخ التسجيل : 04/09/2009

كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 10 Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 10   كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 10 I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 02, 2009 1:10 pm

بـسـم الله الـرحـمـن الـرحـيـم
الـحـمـد لله رب الـعـالـمـيـن و الـصـلاة و الـسـلام عـلـى أشـرف الأنـبـيـاء و الـمـرسـلـيـن
ســـيـدنـا و مـولانـا حـبـيـبـنـا و قـرة أعـيـنـنـا مـحـمـد و عـلـى آلــه و صـحـبـه أجـمـعـيـن


الـمـجـلـس الـعـاشــر

و قـال رضـي الله تـعـالـى عـنـه ، بـكـرة الأحـد رابـع عـشــر شــوّال ســنـة خـمـس و أربـعـيـن و خـمـســائـة :

عـن الـنـبـي صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم أنـه قـال : " أنـا و الأتـقـيـاء مـن أمّـتـي بـراء مـن الـتـكـلـف " . الـتـقـيّ لا يـتـكـلـف عـبـادة الـحـق عـزَّ و جـلَّ ، لأنـهـا صـارت طـبـعـه ، فـهـو يـعـبـد الله بـظـاهـره و بـاطـنـه مـن غـيـر تـكـلـف مـنـه . و أمـا الـمـنـافـق فـهـو فـي كـل أحـوالـه يـتـكـلـّـف ، و لا ســيّـمـا فـي عـبـادة الـحـق عـزَّ و جـلَّ ، يـتـكـلـّفـهـا ظـاهـراً و يـتـركـهـا بـاطـنـاً ، لا يـقـدر أن يـدخـل مـدخـل الـمـتـقـيـن . لـكـلّ مـكـانٍ مـقـال ، و لـكـل عـمـلٍ رجـال ، لـلـحـرب رجـال خـلـقـت .
يـا مـنـافـقـون تـوبـوا مـن نـفـاقـكـم ، و ارجـعـوا مـن إبـاقـكـم . كـيـف تـتـركـون الـشــيـطـان يـضـحـك عـلـيـكـم و يـشـتـفـي بـكـم ؟ إن صـلـّـيـتـم و إن صـمـتـم فـعـلـتـم ذلـك لـلـخـلـق لا لـلـحـق عـزَّ و جـلَّ ، و هـكـذا إن تـصـدّقـتـم و زكـّـيـتـم و حـجـجـتـم . أنـتـم عـامـلـة نـاصـبـة ، عـن قـريـب تـصـلـون نـاراً حـامـيـة ، إن لـم تـتـداركـوا و تـتـوبـوا و تـعـتـذروا .
عـلـيـكـم بـالاتـبـاع مـن غـيـر ابـتـداع ، عـلـيـكـم بـمـذهـب الـســلـف الـصـالـح . امـشــوا فـي الـجـادة الـمـســتـقـيـمـة ، لا تـشــبـيـه و لا تـعـطـيـل ، بـل اتـبـاعـاً لـســنـة رسـول الله صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم ، مـن غـيـر تـكـلـّـف و لا تـطـبّـع و لا تـشــدّد و لا تـمـشـدق و لا تـمـعـقـل ، يـســعـكـم مـا وســع مـن كـان قـبـلـكـم .

ويـحـك تـحـفـظ الـقـرآن و لا تـعـمـل بـه ، تـحـفـظ ســنـّـة رســول الله صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم و لا تـعـمـل بـهـا ، فـلأي شــيء تـفـعـل ذلـك ! تـأمـر الـنـاس و أنـت لا تـفـعـل ، و تـنـهـاهـم و أنـت لا تـنـتـهـي . قـال الله عـزَّ و جـلَّ : (( كـَـبُـر مَـقـْـتـاً عِـنـْـدَ اللهِ أنْ تـَـقـُـولـُـوا مَتا لا تـَـفـْـعَـلـُـونَ )) لِـمَ تـقـولـون و تـخـالـفـون ، مـا تـســتـحـون ، لِـمَ تـَـدّعـون الإيـمـان و لا تـؤمـنـون ! الإيـمـان هـو الـمـقـاوم لـلآفـات ، هـو الـصـابـر تـحـت ثـقـلـنـا ، هـو الـمـصـارع ، هـو الـمـقـاتـل ، الإيـمـان هـو الـمـتـكـرّم بـمـا عـنـده مـن الـدنـيـا .
الإيـمـان يـتـكـرّم لـوجـه الله عـزَّ و جـلَّ ، و الـهـوى يـكـرّم لـوجـه الـشــيـطـان و لأغـراض الـنـفـس . مَـن فـاتـَـه بـاب الـحـق عـزَّ و جـلَّ ، قـعـد عـلـى أبـواب الـخـلـق . مَـن ضـيّـع طـريـق الـحـق عـزَّ و جـلَّ و ضـلّ عـنـهـا ، قـعـد عـلـى طـريـق الـخـلـق .مَـن أراد الله بـه خـيـراً أغـلـق أبـواب الـخـلـق فـي وجـهـه ، و قـطـع عـطـاءهـم عـنـه ، حـتـى يـرده بـذلـك إلـيـه ، يـقـيـمـه مـن الـغـدر إلـى الـشــط ، يـقـيـمـه مـن لا شــيء .

ويـحـك تـفـرح بـقـعـودك عـنـد الـغـدر فـي الـشــتـاء ، عـن قـريـبٍ يـجـيء الـصـيـف و يـنـشــف الـمـاء الـذي عـنـدك فـتـمـوت . مـكـانـك الـذي عـنـد الـشــطّ ، فـإنـه فـي الـصـيـف لا يـنـقـطـع مـاؤه ، و فـي الـشــتـاء يـزيـد و يـكـثـر . كـن مـع الله عـزَّ و جـلَّ تـكـن غـنـيـاً عـزيـزاً أمـيـراً مـؤمـراً دلـيـلا . مـن اســتـغـنـى بـالله ً عـزَّ و جـلَّ احـتـاج إلـيـه كـل شــيء لا يـجـيء بـالـتـحـلـّي و الـتـمـنـّـي ، و لـكـن بـشــيء وقـرَ فـي الـصـدور ، و صـدّقـة الـعـمـل .

يـا غـلام ، لـيـكـن الـخـرس دأبـك ، و الـخـمـول لـبـاســك ، و الـهـرب مـن الـخـلـق كـلّ مـقـصـودك . و إن قـدرت أن تـنـقـب فـي الأرض سـربـاً تـخـفـي فـيـه ، فـافـعـل . يـكـون هـذا دأبـك إلـى أن يـتـرعـرع إيـمـانـك و يـقـوى قـدم إيـقـانـك ، و يـتـريّـش جـنـاح صـدقـك ، و تـنـفـتـح عـيـنـا قـلـبـك ، فـتـرفـع أرض بـيـتـك و تـطـيـر إلـى جـوّ عـلـم الله ، تـطـوف الـشــرق و الـغـرب ، الـبـر و الـحـر ، الـســهـل و الـجـبـل ، تـطـوف الـســمـوات و الأرضـيـن ، و أنـت مـع الـدلـيـل الـخـفـيـر الـرفـيـق . فـحـيـنـئـذ أطـلـق لـســانـك فـي الـكـلام ، و اخـلـع لـبـاس الـخـمـول ، و اتـرك الـهـرب مـن الـخـلـق ، و اخـرج مـن سـربـك إلـيـهـم ، فـإنـك دواء لـهـم ، غـيـر مـســتـضـر فـي نـفـســك لا تـبـال بـقـلـّــتـهـم و كــثـرتـهـم ، و إقـبـالـهـم و إدبـارهـم ، و حـمـدهـم و ذمـهـم . لا تـبـال أيـن ســقـطـت لـقـطـت و أنـت مـع ربـك عـزَّ و جـلَّ .
يـا قـوم ، اعـرفـوا هـذا الـخـالـق و تـأدبـوا بـيـن يـديـه مـا دامـت قـلـوبـكـم بـعـيـدة عـنـه ، فـأنـتـم ســيـئـو الأدب عـلـيـه . و إذا قـربـت حـســن أدبـهـا هـذيـان الـغـلـمـان عـلـى الـبـاب قـبـل ركـوب الـمـلـك ، فـإذا ركـب جـاء خـرســهـم و حـســن أدبـهـم لأنـهـم قـريـبـون مـنـه ، كـلّ مـنـهـم يـهـرب إلـى زاويـة . الإقـبـال عـلـى الـخـلـق هـو عـيـن الإدبـار عـن الـحـق عـزَّ و جـلَّ .

و لا فـَـلاح لـك حـتـى تـخـلـع الأربـاب ، و تـقـطـع الأســبـاب ، و تـتـرك رؤيـة الـخـلـق فـي الـنـفـع و الـضـر . أنـتـم أصـحّـاء مـرضـى ، أغـنـيـاء فـقـراء ، أحـيـاء مـوتـى ، مـوجـودون مـعـدمـون . إلـى مـتـى هـذا الإبـاق عـن الـحـق عـزَّ و جـلَّ ، و الإعـراض عـنـه ؟؟ إلـى مـتـى عـمـارة الـدنـيـا و تـخـريـب الآخـرة ؟ إنـمـا لـكـلّ واحـدٍ مـنـكـم قـلـب واحـد ، فـكـيـف يـحـبّ بـه الـدنـيـا و الآخـرة ، كـيـف يـكـون فـيـه الـخـالـق و الـخـلـق ، كـيـف يـحـصـل هـذا فـي حـالـة واحـدة فـي قـلـب واحـد ؟؟ هـذا كـذب و الـنـبـي صـلـى الله عـلـيـه وســلـم يـقـول : " الـكـذب مـجـانـب الإيـمـان " . كـلّ إنـاء يـنـضـح بـمـا فـيـه .

أعـمـالـك دلائـل عـلـى اعـتـقـادك ، ظـاهـرك دلـيـل عـلـى بـاطـنـك . و لـهـذا قـال بـعـضـهـم :( الـظـاهـر عـنـوان الـبـاطـن ) . بـاطـنـك ظـاهـر عـنـد الـحـق عـزَّ و جـلَّ ، و عـنـد خـواصـه مـن عـبـاده . إذا وقـع بـيـدك واحـد مـنـهـم فـتـأدب بـيـن يـديـه ، و تـبْ مـن ذنـوبـك قـبـل لـقـائـه . تـصـاغـر عـنـده و تـواضـع لـه . إذا تـواضـعـت لـلـصـالـحـيـن فـقـد تـواضـعـت لله عـزَّ و جـلَّ . تـواضـع فـإنّ مَـن تـواضـع رفـعـه الله عـزَّ و جـلَّ . أحـسِــن الأدب بـيـن يـدي مَـن هـو أكـبـر مـنـك ، فـإن الـنـبـي صـلـى الله عـلـيـه وســلـم قـال : " الـبـركـة فـي أكـابـركـم " . قـال : مـا أراد الـنـبـي صـلـى الله تـعـالـى عـلـيـه و ســلـم ذكـر الـسـنّ فـحـســب ، بـل حـتـى يـضـاف إلـى كـبـر الـســن الـتـقـوى فـي امـتـثـال الأمـر ، و الانـتـهـاء عـن الـنـهـي ، و مـلازمـة الـكـتـاب و الـسـنـّـة ، و إلا فـكـم مـن شــيـخ لا يـجـوز احـتـرامـه و لا الـســلام عـلـيـه ، و لـيـس فـي رؤيـتـه بـركـة.

الأكـابـر الـمـتـّقـون الـصـالـحـون الـمـتـورعـون الـعـامـلـون بـالـعـلـم ، الـمـخـلـصـون فـي الـعـمـل . الأكـابـر الـقـلـوب الـصـافـيـة الـمـعـرضـة عـمّـا ســوى الله عـزَّ و جـلَّ . الأكـابـر الـعـارفـة بـالله عـزَّ و جـلَّ ، و الـعـالـمـة الـقـريـبـة مـنـه ، كـلـمـا كـثـر عـلـم الـقـلـوب قـربـت مـن مـولاهـا عـزَّ و جـلَّ . كـل قـلـب فـيـه حـب الـدنـيـا فـهـو عـن الله مـحـجـوب ، و كـل قـلـب فـيـه حـب الآخـرة فـهـو عـن قـرب الله مـحـجـوب . بـقـدر رغــبـتـك فـي الـدنـيـا تـنـقـص رغـبـتـك فـي الآخـرة ،و بـقـدر رغـبـتـك فـي الآخـرة تـنـقـص مـحـبـتـك لـلـحـق عـزَّ و جـلَّ .

اعـرفـوا أقـداركـم و لا تـنـزلـوا أنـفـســكـم مـنزلاً لـم يُـنـزلـهـا الله عـزَّ و جـلَّ فـيـه ، و لـهـذا قـال بـعـضـهـم : ( مـن لـم يـعـرف قـدره عـرّفـتـه الأقـدار قـدره ) . لا تـقـعـد فـي مـوضـع تـقـام مـنـه إذا دخـلـت داراً فـلا تـقـعـد مـوضـعـاً لـم يـقـعـدك فـيـه صـاحـب الـدار ، فـإنـك تـُـقـام مـنـه . بـلا أمـرك ، و إن امـتـنـعـت أقـمـت و أهـنـت و أخـرجـت.

يـا غـلام قـد ضـيّـعـت الـعـمـر فـي كـتـب الـعـلـم و حـفـظـه مـن غـيـر عـمـل . إيـش يـنـفـعـك ؟؟ قـال الـنـبـي صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم ، يـقـول الله عـزَّ و جـلَّ يـوم الـقـيـامـة لـلأنـبـيـاء و الـعـلـمـاء : ( أنـتـم كـنـتـم رعـاة الـخـلـق فـمـا صـنـعـتـم فـي رعـايـاكـم ؟؟ و يـقـول لـلـمـلـوك و الأغـنـيـاء : أنـتـم كـنـتـم خـزّان كـنـوزي ، هـل واصـلـتـم الـفـقـراء و ربّـيـتـم الأيـتـام و أخـرجـتـم مـنـهـا حـقـي الـذي كـتـبـتـه عـلـيـكـم ) .

يـا قـوم ، اتـعـظـوا بـمـواعـظ الـرســول صـلـى الله عـلـيـه وســلـم ، و اقـبـلـوا قـولـه . مـا أقـســى قـلـوبـكـم ســبـحـان مـا أقـدرنـي عـلـى مـقـاســاة الـخـلـق . كـلـمـا رمْـتُ الـطـيـران جـاء مـقـصّ الـقـدر و قـصّ جـنـاحـي ، غـيـر أنـي أتـســلـّى ، كـيـف و أنـا مـقـيـم فـي بـراح الـمـلـك !! ويـلـك يـا مـنـافـق تـتـمـنـى خـروجـي مـن هـذه الـبـلـدة ، لـو تـحـركـت تـبـدل الأمـر و انـفـصـلـت الأعـضـاء و تـغـيـر الـحـديـث ، و لـكـن أخـاف مـن عـقـوبـة الله عـزَّ و جـلَّ ، لأجـل الـعـجـلـة ، مـا أنـا مـشــمـر بـل عـلـى مـثـاقـف مـن الـقـدر ، فـأنـا مـوافـق لـه مـســلـم إلـيـه ، الـلـهــم ســلامـاً و تـســلـيـمـاً .

ويـحـك تـســتـهـزىء بـي و أنـا واقـف عـلـى بـاب الـحـق عـزَّ و جـلَّ أدعـو الـخـلـق إلـيـه !! ســوف تـرى جـوابـك . ابـنـي إلـى فـوق ذراعـاً ، و إلـى تـحـت آلافـاً . سـوف تـرون يـا مـنـافـقـون عـذاب الله عـزَّ و جـلَّ و عـقـابـه دنـيـا و آخـرة . الـزمـان حـبـلـى ســوف تـرون مـا يـكـون مـنـه . أنـا فـي يـد تـقـلـيـب الـحـق عـزَّ و جـلَّ : تـارة يـصـيـرنـي جـبـلاً ، و تـارة يـصـيّـرنـي درّة و تـارة يـصـيّـرنـي بـحـراً ، و تـارة يـصـيـرنـي قـطـرة ، و تـارة يـصـيّـرنـي شــمـسـاً ، و تـارة يـصـيّـرنـي لـمـعـة و بـرقـة ، يـقـلـّبـنـي كـمـا يـقـلـّـب الـلـيـل و الـنـهـار ، كـل يـوم هـو فـي شــأن ، بـل كـل لـحـظـة ، الـيـوم لـكـم و الـلـحـظـ لـغـيـركـم .

يـا غـلام ، إن أردت ســعـة الـصـدر و طـيـب الـقـلـب فـلا تـســمـع مـا يـقـول الـخـلـق ، و لا تـلـتـفـت إلـى حـديـثـهـم . أمـا تـعـلـم أنـهـم مـا يـرضـون خـالـقـهـم ، فـكـيـف يـرضـون عـنـك ؟؟ أمـا تـعـلـم أن كـثـيـراً مـنـهـم لا يـعـقـلـون و لا يـبـصـرون و لا يـؤمـنـون ، بـل يـكـذبـون و لا يـصـدقـون !! اتـبـع الـقـوم الـذيـن لا يـعـقـلـون غـيـر الـحـق عـزَّ و جـلَّ ، و لا يـســمـعـون مـن غـيـره ، و لا يـبـصـرون غـيـره .

أصـبـر عـلـى أذيـة الـخـلـق طـلـبـاً لـرضـا الـحـق عـزَّ و جـلَّ ، اصـبـر عـلـى مـا يـبـتـلـيـك بـه بـأنـواع الـبـلايـا . هـذا دأب الله عـزَّ و جـلَّ مـع عـبـاده الـمـصـطـفـيـن الـمـخـبـتـيـن يـقـطـعـهـم عـن الـكـل ، و يـبـتـلـيـهـم بـأنـواع الـبـلايـا و الآفـات و الـمـحـن ، يـضـيّـق عـلـيـهـم الـدنـيـا و الآخـرة و مـا تـحـت الـعـرش إلـى الـثـرى ، يـفـنـي بـذلـك وجـودهـم ، حـتـى إذا أفـنـى وجـودهـم أوجـدهـم لـه لا لـغـيـره ، أقـامـهـم مـعـه لا مـع غـيـره ، يـنـشــئـهـم خـلـقـاً آخـر كـمـا قـال عـزَّ و جـلَّ (( ثــُـمَّ أنـْـشـَــأنـَـاهُ خـَـلـْـقــاً آخـَـر فــتــَـبـَـارَكَ اللهُ أحـْـسـَـنُ الـخـَـالِـقِـيـنَ )) . الـخـلـق الأول مـشــتـرك ، و هـذا الـخـلـق مـفـرد يـفـرده عـن إخـوانـه و أبـنـاء جـنـســه مـن بـنـي آدم ، يـغـيِّـر مـعـنـاه الأوّل و يـبـدلـه ، يـصـيـر عـالـيـه ســافـلـه ، يـصـيـر ربـَّـانـيـاً روحـانـيـاً يـضـيـق قـلـبـه عـن رؤيـة الـخـلـق ، و يـنـســدّ بـاب ســره عـن الـخـلـق ، يـصـوّر لـه الـدنـيـا و الآخـرة و الـجـنـة و الـنـار و جـمـيـع الـمـخـلـوقـات و الأكـوان شــيـئـاً واحـداً ، ثـم يـســلـّم ذلـك الـشــيء إلـى يــدســرّه فـيـبـتـلـعـه و لا يـتـبـيـن فـيـه ، يـظـهـر فـيـه الـقـدرة كـمـا أظـهـرهـا فـي عـصـا مـوســى عـلـيـه الـســلام . ســبـحـان مـن يـظـهـر قـدرتـه فـيـمـا يـريـد عـلـى يــد مَـن يـريـد . بـلـعـت عـصـا مـوســى أحـمـالاً كـثـيـرة مـن الـحـبـال و غـيـرهـا مـن الأشــيـاء و لـم تـتـغـيـر بـطـنـهـا .

أراد الـحـق عـزَّ و جـلَّ أن يـعـلـمـهـم أن ذلـك قـدرة لا حـكـمـة ، لأن مـا فـعـلـه الـســحـرة فـي ذلـك الـيـوم كـان حـكـمـة و هـنـدســة ، و مـا ظـهـر فـي عـصـا مـوســى عـلـيـه الـســلام كـان قـدرة مـن الـحـق عـزَّ و جـلَّ ، خـرق عـادة و مـعـجـزة . و لـهـذا قـال أمـيـر الـســحـرة لـواحـدٍ مـن أصـحـابـه : أنـظـر إلـى مـوســى فـي أي حـالـة هـو !! فـقـال لـه : قـد تـغـيـر لـونـه ، و الـعـصـا تـعـمـل عـمـلـهـا . فـقـال : هـذا مـن فـعـل الله عـزَّ و جـلَّ لا مـن فـعـلـه ، فـإنّ الـســاحـر لا يـخـاف مـن ســحـره ، و الـصـانـع لا يـخـاف مـن صـنـعـتـه . ثـم آمــن بـه و تـبـعـه أصـحـابـه .

يـا غـلام ، مـتـى تـقـوم مـن الـحـكـمـة إلـى الـقـدرة ، مـتـى يـوصـلـك عـمـلـك بـالـحـكـمـة إلـى قـدرة الله عـزَّ و جـلَّ ، مـتـى يـوصـلـك إخـلاصـك فـي أعـمـالـك إلـى بـاب قـربـك مـن ربـك عـزَّ و جـلَّ ، مـتـى تـريـك شــمـس الـمـعـرفـة وجـوه قـلـوب الـعـوام و الـخـواص ؟؟ لا تـهـرب مـن الـحـق لأجـل بـلائـه ، إنـمـا يـبـتـلـيـك لـيـعـلـم هـل تـرجـع إلـى الـســبـب و تـتـرك بـابـه أم لا ، هـل تـرجـع إلـى الـظـاهـر أو إلـى الـبـاطـن ، إلـى مـا يُـدرك أو إلـى مـا لا يـدرك ، إلـى مـا يُـرى أو إلـى مـا لا يُـرى .

الـلـهــمّ لا تـبـتـلـنـا . الـلـهــم ارزقـنـا الـقـرب مـنـك بـلا بـلاء . الـلـهــم قـربـاً و لـطـفـاً . الـلـهــم قـربـاً بـلا بـعـد ، لا طـاقـة لـنـا عـلـى الـبـعـد مـنـك ، و لا عـلـى مـقـاســاة الـبـلاء ، فـارزقـنـا الـقـرب مـنـك مـع عـدم نـار الآفـات ، فـإن كـان و لا بـدّ مـن نـار الآفـات ، فـاجـعـلـنـا فـيـهـا كـالـســمـنـدل الـذي يـبـيـض و يـفـرخ فـي الـنـار و هـي لا تـضـرّه و لا تـحـرقـه . اجـعـلـهـا عـلـيـنـا كـنـار إبـراهـيـم خـلـيـلـك ، أنـبـتْ حـوالـيـنـا عـشــبـاً كـمـا أنـبـتَّ حـوالـيـه ، و أغـنـنـا عـن جـمـيـع الأشــيـاء كـمـا أغـنـيـتـه ، و آنـســنـا و تـولـَّـنـا كـمـا تـولـيـتـه ، و احـفـظـنـا كـمـا حـفـظـتـه آمـيـن . إبـراهـيـم عـلـيـه الـســلام حـصّـل الـرفـيـق قـبـل الـطـريـق ، و الـجـار قـبـل الـدار ، و الأنـيـس قـبـل الـوحـشــة ، و الـحـمـيـة قـبـل الـمـرض ، و الـصـبـر قـبـل الـبـلـيـة ، و الـرضـا قـبـل الـقـضـاء ، تـعـلـّـمـوا مـن أبـيـكـم إبـراهـيـم عـلـيـه الـســلام ، اقـتـدوا بـه فـي أقـوالـه و أفـعـالـه .

سـبـحـان مـن لـطـف بـه فـي بـحـر بـلائـه ، و كـلـّـفـه الـســبـاحـة فـي بـحـر الـبـلاء ، و أيـده مـعـه . كـلـّـفـه الـحـمـل عـلـى الـعـدوّ و هـو مـع رأس الـفـرس ، كـلـّـفـه الـصـعـود إلـى مـوضـع عـال و يـده فـي ظـهـره . كـلـفـه دعـوة الـخـلـق إلـى طـعـامـه و الـنـفـقـة مـن عـنـده . هـذا هـو الـلـطـف الـبـاطـن الـخـفـي .

يـا غـلام ، كـن مـع الله صـامـتـاً عـنـد مـجـيء قـدره و فـعـلـه حـتـى تـرى مـنـه ألـطـافـاً كـثـيـرة . أمـا ســمـعـت بـغـلام جـالـيـنـوس الـحـكـيـم كـيـف تـخـارس و تـبـالـه و تـســاكـت حـتـى حـفـظ كـل عـلـم عـنـده . حـكـمـة الله عـزَّ و جـلَّ لا تـجـيء إلـى قـلـبـك مـن كـثـرة هـذيـانـك و مـنـازعـتـك لـه و اعـتـراضـك عـلـيـه . الـلـهــم ارزقـنـا الـمـوافـقـة و تـرك الـمـنـازعـة ، و آتـنـا فـي الـدنـيـا حـســنـة و فـي الآخـرة حـســنـة و قـنـا عـذاب الـنـار .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 10
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 20
» كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 5
» كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 19
» كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 4
» كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 18

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى القادرى :: القسم الثافى والادبى :: المنتدى الادبى :: الكتب-
انتقل الى: