الباقر الشريف
عدد المساهمات : 32 تاريخ التسجيل : 20/11/2012
| موضوع: أقسام النفس البشرية وأحوالها الأحد نوفمبر 25, 2012 4:16 am | |
| النفس
أقسام النفس البشرية وأحوالها : -
للنفس البشرية صفات تختلف بإختلاف أحوالها وذكر القران ثلاث منها :
1-النفس الأمارة بالسوء w]إن النفس لأمارة بالسوء ] .
2- النفس اللوامة w]ولا أقسم بالنفس اللوامة ] .
3-النفس المطمئنة w]يا أيها النفس المطمئنة ] .
للصوفية مفهوم خاص للنفس الإنسانية ، لا يستند إلي المعاني اللغوية والفلسفية المتعددة للكلمة ، وإنما يستمد من جملة أصول شرعية وردت في الآيات القرآنية والحديث الشريف مثل قوله تعالي : -
(1) ( وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) النساء آية 79
(2) ( وما أبرئ نفسي إن النفس لا مارة بالسوء ) يوسف آية 53
(3) ( إن الله لا يغير ما بقوم حي يغيروا ما بأنفسهم ) الرعد آية 11 (4) ( وكذلك سولت لي نفسي .....) طه آية 96
(5) ( فطوعت له نفسه قتل أخيه ....) المائدة آية 30
(6) ( إن يتبعون إلا الظن وما تهوي الأنفس ...) النجم 23
(7) ( فتوبوا إلي بارئكم واقتلوا أنفسكم .....) البقرة آية 54 كما شهد مشايخ الصوفية بالعديد من الآثار النبوية القريبة من المعني مما أشارت له الآيات ، لينتهوا من ذلك الي القول بأن مطلق كلمة ( النفس ) إنما يراد بها الطبيعة السيئة للنفس الأمارة ، تلك النفس التي طبعت كما يقول الحكيم الترمزي علي الغفلة والشك والشرك والرغبة والرهبة والشهوة والغضب ، فهي نافرة ناشزة كارهه ، تستثقل العبادة والسير في طريق النجاة ، وتركن إلي الشهوات وتفرح بالمطالب والراحات فرحاً يظل يجري في العروق – كما يجري السم – حتي يمت القلب .
ولهذه النفس جبلات واوصاف يذكرها الشيخ ابو طالب المكي حين يقول : إن جبلات النفس أربـع : الضعف ( وهو مقتضي فطرة التراب ) والبخل ( مقتضي جبلة الطين ) والشهوة ( مقتضي الحمأة المسنون ) والجهل ( مقتضي الصلصال ) واوصفاها أيضاً أربعة ... معاني الربوبية ( الكبر والعز وحب المدح ) وأخلاق الشياطين ( الخداع والحيلة والحسد ) وطباع البهائم ( حب الأكل والشرب والنكاح ) وخصال العبيد ( الخوف والذلة ) ... فبهذا تكون النفس هي مصدر كل الفعال المذمومة من المعاصي والأخلاق الرديئة وهي موطن كل شر .
ويفرق الصوفية بين النفس والروح ، فإن كانت النفس هي محل الأوصاف المذمومة ، فالروح هي نبع الأخلاق المحمودة ... ويفرقون كذلك بينها وبين الصدر والقلب والفؤاد واللب ، وغير ذلك من اللطائف المودعه في الأنسان ، ليتوصلوا من هذه المقارنات والمباحث الي تقرير حقيقة النفس الأنسانية ، وضرورة مجاهداتها والترقي بها من مرتبة النفس الأمارة إلي ما فوقها من مراتب سبع ( النفس الأمارة – اللواحة – الملهمة – المطمئنة –الراضية – المرضية – الكاملة ) وهم يحذرون دوماً من ترك العنان لهذه النفس ، فإن خطرها يزداد بالتهاون ، ويتبدد بالتأدبيب والمجاهدة كما قال البوصيري :-
والنفس كالطفل إن تمهله شب علي حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم ولم يخرج الإمام الجيلاني بمفهوم النفس عن الاطار الذي رسمه الصوفية فمطلق كلمة ( نفس ) عندما تزد عنده فالمراد بها النفس الأمارة بالسوء التي هي أعدي علي صاحبها من ابليس كما في الحديث الشريف : ( اعدي عدوك نفسك الذي بين جنبيك . نعوذ بالله من شرور أنفسنا ). فهي عمياً خرساء جاهلة بربها ، طبعها الركون إلي الرياء والنفاق . باطل الأدعاه وحب المدح . و يضيف الشيخ الجيلاني إلي أوصافها فيقول : شرهة مدعية خارجة عن طاعة الله ، متملكة متمنية ، صدقها كذب ودعواها باطل وكل شي منها غرور ....إن اطلق وثاقها جمحت ، وإن أعطت سؤلها هلكت ، وإن غفل عن محاسبتها أدبرت ، وإن عجز عن مخالفتها غرقت ، وإن اتبع هواها تولت إلي النار .... ليس لها حقيقة ولا رجوع إلي خير ، وهي رأس البلاد ومعدن الفضيحة وخزانة ابليس ومأوي كل سوء .
وخطر النفس علي الأنسان يتزايد ، بتحالفها مع جملة أعدائه ... فالأنسان أعداء يتربصون به ليجروه الي مواطن الهلاك ، أعني ابليس ورخزف الدنيا والأهواء ، فلا تهب عليه إلا من نفسه الأمارة . وأما زخرف الدنيا ، فالنفس دوماً ميالة إليه وأما ابليس ، فالنفس كما يقول الشيخ الجيلاني مستراحة ومسامرته ومحدثتة وصديقته . ولما كانت النفس والعمل علي هذا النحو ، كلها ظلمة ، فهي عقبة في طريق الزاهدين العارجين إلي مواطن النور ، فالظلمة النور لا يتفقان . ومن هنا تأئت ضرورة الحذر من النفس والعمل علي مجاهداتها في طريق الشيخ الجيلاني ، حتي أنه قضي في حياته أعواماً ، يقطع علائق نفسه ويعمل علي مراقبتها وأخذها بكل شديد حتي تأمن وتسلس له القياد ، ولم يترك في ذلك هولا الآوركبة ، ودخل في ألف فن حتي يستريح منها . .. ولأنه يمشي علي السالكين من خطر هذه النفس ، فهو ينادي في مريديه قائلاً :
وأوصيكمو كسر النفس فإنها مراتب عز عند أهل الطريقة لما كانت النفس الأنسانية علي هذا النمو ، فقد وجب علي صاحبها العمل علي مجاهدتها لتخلص من صفاتها المذمومة وتترقي عن مرتبة الأمر بالسوء . ويكون بذلك قد قام بأمر الله الوارد في قوله تعالي : ( وأما من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوي ، فإن الجنة هي المأوي ) .
فإذا كانت ضرورة المجاهدة عامة لكل انسان ، حتي لا نفوده نفسه لمتابعة الهوي وزخارف الدنيا ووسوسة الشيطان ، فإن هذا الأمر أولي في حق السالك الذي رام الوصول إلي قرب الحق ، يقول الشيخ عبد القادر : من أراد سلوك طريق الحق ، فليذهب نفسه قبل سلوكه .... فبدوام المجاهدات تتفتح عيناها وينطبق لسانها .
وتتأكد ضرورة المجاهدة وأهمية المداومة عليها عند سلوك الطريق الروحي ، خلال الآية الكريمة : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) فالسالك العاكف علي ابواب الحق تعالي ، يظل يطرق الباب بمجاهدة نفسه حتي يلجه يهدي الله إياه وتعريفة سبل الدخول غلي الحضرة الإلهية .... ومن هنا قال الشيخ عبد القادر الجيلاني : من لم يكن في بدايته صاحب مجاهدة ، فلن يجد من الطريقة شيئاً . ويظل السالك في هذه المعاناة الطويلة ، التي وصفها النبي صلي الله عليه وسلم بالجهاد الأكبر : ( رجعنا من الجهاد الأصغر إلي الجهاد الأكبر ) يعني جهاد النفس – الحديث .
تألف النفس بعض العادات وترتاح إليها ، يمسي صاحبها أسيراً للعادة ذليلاً لها ، لا يملك الافاقة من سيطرة ما الفته النفس ، فتتواتر عليه الأمانى بهبوط الهمة .... ومن هنا كان باب المجاهدة لا يفتح ، إلا بقطع النفس عما لازمته من عادات ، والوقوف معها لما دعا إليه الشرع وما أمر به الله تعالي ، واذا كان للعادة اثرها البالغ في ركون النفس إلي الدنيا ، فإن الهوي والأماني ابلغ أثراً علي النفس ، فانطبعت النفس علي الهوي والضلال ، وجبلت علي التمني وحب الشهوات ، ولهذا حذرت الآيات القرانية من متابعة الهوي ، قال تعالي : -
- ( ولا تتبع الهوي فيضلك عن سبيل الله ....) – ص آية 26 - ( إن يتبعون إلا الظن وما تهوي الأنفس ...) – النجم آية 23 - ( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه ...) الكهف آية 28 وهذا النوع من المجاهدة يكون برفض ما تهواه النفس من أماني ، وإلزامها بما يشق عليه . وليس اشق علي النفس الأمارة ، من أمور العبادة ، وعلي السالك أن يبدد أهواء نفسه وتعلقاتها ، بكل شديد من العبادات ، حتي تفيق من غيها وتستلذ بالطاعات وتسقط عنها مشقة التكاليف الشرعية ، وقد كان الصوفيه دوماً يقهرون هوي النفس الامارة بإذابتها علي مشعل العبادة .
جاء ذكر النفس اللوامة في آية واحدة في القران في سورة القيامة في قول الله عز وجل w]لا أقسم بالنفس اللوامة ] . [ [color=yellow(لا[/color] ] الأولى : صله لما قبلها w]ولا ] الثانية : نافية للقسم .
ولماذا كان القسم بالنفس اللوامة ولم يقسم بالنفس المطمئنة ولا بالنفس الأمارة بالسوء ؟ ذلك لأن النفس الأمارة بالسوء نفس دنيئة لا يقسم بها ولا تستحق أما النفس المطمئنة فهى نفس شريفة , لا تحدث صاحبها بسوء , أما النفس اللوامة فهي نفس عجيبة , بل هي عجب النفوس الإنسانية , فهي w]لوامة ] من طبيعتها اللوم لصاحبها , وتعيد لومه وتكرره دائماً , نقية تقية لا تزال تلوم صاحبها , وإن إجتهد في الطاعة .
قال الحسن : (هي والله نفس المؤمن , فما نجد المؤمن إلا يلوم نفسه دائماً . أما النفس الأمارة بالسوء , فلا تلوم صاحبها , حتى النفس المطمئنة لا تلوم صاحبها بشئ , ولا تلوم صاحبها إلا النفس اللوامة) .
وقرن بين القسم يوم القيامة والقسم بالنفس اللوامة لأن بينهما صله وثيقة فأي نفس إنسانية , من بني آدم جميعاً , ولو كانت نفس من نفوس الأتقياء والمحسنين لا تلوم صاحبها يوم القيامة , الجميع يواجهون المحكمة الإلهية , أما النفس اللوامة فهي تلوم صاحبها لماذا إرتكبت ذبناً يعاقب عليه اليوم ؟ وتلوم صاحبها أيضاً إذا فعل خيراً وعمل صالحاً وإحساناً يثاب عليه اليوم , لماذا لم تستكثر منه ؟ والصواب على الأعمال الصالحة يوم القيامة عظيم ... من أجل هذا فرق القران الكريم بين القسم ليوم القيامة والقسم بالنفس اللوامة .
ولماذا أقسم الله تعالى بيوم القيامة وبالنفس اللوامة , من مطلع سورة القيامة ؟ ألم يكن هنالك شئ أخر يقسم به ؟ اولاً الله عز وجل أن يقسم بما يشاء , ولا سأل عما يفعل . وثانياً لأن سورة القيامة من أولها وأخرها تحدث عن النفس اللوامة وما سيكون من أمرها يوم القيامة فالقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامة في مطلع سورة القيامة إستارة إلي الموضوع الذي تعالجه السورة كلها . قهذه قصيدة منسوبة الى الرئيس أبي علي بن سينا ، أغمض معانيها ، ولوح بأسرار حقيقته أسس عليها مبانيها ، لئلا يستخرج دفائنها المكنونة ، ويغوص على دررها الثمينة ، ويهتدي الى ما ضمنه فيها من المعاني الشريفة ، والعلوم الغامضة اللطيفة، إلا من انعم الله تعالي عليه بالاستملاء لها من أربابها، وأسرى اليه لطفاً من خزان بيوت الحكم لقصده اليها من أبوابها ، ولئلا يطلع عليها من غلبته شقوته من احزاب الشياطين والأبالسة المدعين لما لا يستحقونه من المراتب تسلقاً على التكالب في الحطام الزائل والمنافسة ، وليكون ما احتوت عليه من الرموز إيقاظاً لذوي التمييز من سنة الغفلة ، ليبحثوا عن مغيباتها وتذكار لأرباب العالية ، ليتطلعوا على الاشراف على الغازها ومكمناتها ، وسألني ايضاح ما اودعه فيها من الأسرار اللطيفة والألغاز التي اشار اليها في مضمونها من الحقائق الشريفة ورمز .
هبطت اليك من المحل الأرفع ورقاء ذات تعزز وتمنع محجوبة عن كــل مقلة ناظـــر وهي التي سفرت ولم تتبرقع وصلت على كره اليك وربمــا كرهت فراقك وهي ذات تفجع أنفت وما انست ولما واصلت ألفت مجاورة الخراب البلقع وأظنها نسيت عهوداً بالحمى ومنــــــــازلاً بفراقها لم تقنع حتى إذا حصلت بهاء هبطها في ميم مركزها بذات الأجرع علقت بها ثاء الثقيل فاصبحت بين المنازل والطلوع الخضع تبكي إذا ذكرت عهودا بالحمى بمـــــــــدامع تهمي ولم تقلع وتظل ساجعة على الدمن التي درست بتكرار الرياح الأربع إذ عاقها الشكل الكثيف وصدها نقص عن الأوج الفسيح الأرفع وغدت مفارقة لكل مخلف عنها خليف الترب غير مشيع حتى اذا قرب المسير الى الحمى ودنى الرحيل الى العطاء الأوسع سجعت وقد كشف الغطاء فابصرت ما ليس يدرك بالعيون الهجع وغدت تغرد فوق ذروة شاهق والعلم يرفع قدر من لم يرفع فلأي أمر أهبطت من شاهق سام الى قصر الحضيض الأوضع ان كان اهبطها الإله لحكمه طويت عن الغز البيب الأروع فهبوطها لا شك ضربة لازب لتعود سامعة لما لم تسمع وتكون عالمة بكل خفيـــــــــــــة في العالمين وخرقها لم يرقع وهي التي قطع الزمان طريقها حتى لقد غربت بعين المطلع فكأنها برق تألق بالحمى ثم انطوى فكأنه لم يلمع | |
|