Admin Admin
عدد المساهمات : 219 تاريخ التسجيل : 21/11/2008 العمر : 67 الموقع : https://gadry.ahlamontada.com
| موضوع: فضائل شهر رمضان الخميس يوليو 21, 2011 12:21 am | |
| الحمد لمن وجب وجوده وبقائه وامتنع عدمه وفنائه، دلَّ على وجوده أرضه وسماؤه، وشهد بوحدانيته رصف العالم وبناؤه. العليم الذي يحيط علمه بما لا يتناهى عده وإحصاؤه. القدير الذي لا تنتهي قدرته عند المراد له إعادته وإبداؤه. جلت قدرته وتباركت أسماؤه. وعظمت نعمته وعمت آلاؤه. تاهت في بيداء ألوهيته أنظار العقل وآراؤه، وارتجت دون إدراكه طرق الفكر وأنحاؤه. أحمده ولا يحصى ثناؤه، وأشكره والشكر أيضاً عطاؤه.
وأصلي على رسوله الذي رفع الهدى جده وعناؤه، وقمع الضلالة بأسه وغناؤه صلى الله عليه وعلى آله ما أضاء البدر المنير ضياؤه. اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم صلاة تفتح لنا بها أبواب الرضى والتيسير وتغلق بها عنا أبواب الشر والتعسير وتكون لنا بها ولياً ونصيراً أنت ولينا ومولانا فنعم المولى ونعم النصير .
أما بعد، فأوصيكم إخواني وأخواتي ونفسي بتقوى الله تعالى، القائل في كتابه لنبيه: (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم، كتب ربكم على نفسه الرحمة، أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم)، اللهم إنا نتوب إليك من كل الذنوب، ومن كل الشهوات الموجبات للبعد عنك، فارحمنا بالرحمة الخاصة التي وعدت بها عبادك المؤمنين، واحفظنا وأهلينا وذرارينا من شر كل شيطان رجيم.
قال تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) 183_البقرة_ وفي البخارى : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَل الْلَّه عَلَيْه وَ سَلَّم : (( قَالَ اللهُ : كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ لَهُ إلا الصِّيَامَ ، فَإِنَّهُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِه , وَالصِّيَامُ جُنَّـةٌ ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفـُِثْ، وَلا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي امْرُؤٌ صَائِم , وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْك , لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا : إِذَا أَفْطَرَ فَـرِحَ ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِه)
وهذا الحديث الجليل يدل علي فضيلة الصوم من وجوه عديدة : الاول: أن الله اختص لنفسه الصوم من بين سائر العمال وذلك لشرفه عنده ومحبته له وظهور الاخلاص له سبحانه فيه لأنه سر بين العبد وربه لايطلع عليه إلا الله فمن اجل ذلك شكر الله للعبد هذا واختص صيامه لنفسه من بين سائر اعماله ولهذا قال : (يدع شهوته وطعامه من اجلي )
الثاني : أن الله قال في الصوم( وانا اجزي به) فأضاف الجزاء إلي نفسه الكريمة لان الاعمال الصالحة يضاعف اجرها بالعدد، الحسنة بعشر امثالها إلي سبعمائة ضعف إلي اضاف كثيرة أما الصوم فان الله اضاف الجزاء عليه إلي نفسه من غير اعتبار عدد وهو سبحانه اكرم الاكرمين واجود الاجودين والعطية بقدر معطيها فيكون اجر الصائم عظيما كثيرا بلا حساب .
الثالث: أن الصوم جنة أي وقاية وستر يقي الصائم من اللغو والرفث ولذلك قال: (فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب )
الرابع : أن خلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك لانها من اثار الصيام فكانت طيبة عندالله سبحانه ومحبوبة له ، وهذا دليل علي عظيم شأن الصيام حتى أن الشئ المكروه المستخبث عند الناس يكون محبوبا عند الله وطيبا لكونه نشأ عن طاعته بالصيام .
الخامس : أن للصائم فرحتين فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه . أما عند فطره فيفرح بما انعم الله عليه من القيام لعبادة ربه الذي هو افضل الاعمال الصالحة ، وكم اناس حرموه فلم يصوموا ويفرحوا بما أباح الله له من الطعام ، والشراب والنكاح الذي كان محرما عليه حال الصيام .
واما فرحة لقاء ربه فيفرح بصومه حين يجد جزاءه عندالله تعالى موفرا كاملا في وقت احوج ما يكون اليه حين يقال : اين الصائمون ليدخلوا الجنة من باب الريان الذي لا يدخل به احد غيرهم .
وفي هذا الحديث ارشاد للصائم أذا سابه احد أو قاتله أن لا يقاتله بالمثل لئلا يزداد السباب والقتال وان لا يضعف أمامه بالسكوت بل يخبره بانه صائم اشارة إلي انه لن يقاتله بالمثل احتراما للصوم لا عجزا عن الاخذ بالثأر وحينئذ ينقطع السباب والقتال (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) فصلت 34 .
لقد شرع الله لعباده العبادات ونوعها لهم لياخذوا من كل نوع منها نصيب ، ولئلا يملوا من النوع الواحد فيتركوا العمل فيشقي الواحد منهم ويخيب وجعل منها فرائض لا يجوز النقص فيها ولا الاخلال ، ومنها نوافل يحصل بها زيادة التقرب إلي الله والاكمال فمن ذلك : .
صلاة الليل:- امتدح الله في كتابه القائمين فيها فقال سبحانه : (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ) الفرقان 64 وقال : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(16). فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(17)) السجدة
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ ، قَالَ : " لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَقِيلَ : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ فَلَمَّا اسْتَثْبَتُّ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ ، وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ " , قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ . _الترمزي .
وصلاة الليل في رمضان لها فضيلة وميزة علي غيرها لقول النبي (صَل الْلَّه عَلَيْه وَ سَلَّم): (مَنْ قَامَ لَيْلَة الْقَدْر إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )
ويكفي هذا ما جاء أنه كان يعتكف ويجتهد في القيام والصيام والذكر والقراءة -عليه الصلاة والسلام-، في هذا خبر: من قام رمضان إيمانًا واحتسابا جاء في لفظ آخر في الصحيحين: من صام رمضان إيمانًا واحتسابا وفي لفظ آخر: من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابا .
جاء بهذه الألفاظ الثلاثة: من صام رمضان إيمانًا واحتسابا من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه .
إيمانًا: يعني تصديقًا بوعد الله -عز وجل- الذي أخبر به للقائمين والصائمين، واحتسابا: يعني طلبًا للأجر؛ لأنه قام مصدقًا بوعد الله -عز وجل- محتسبًا الثواب منه - سبحانه وتعالى-، لا يقوم رياء ولا سمعة ولا لأي أمر من أمور الدنيا، بل هو لله.
فهذا هو الشرط الذي يكون به العمل زاكيًا، ويكون به العمل طيبًا مباركًا: من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه هذا شامل لجميع الذنوب، وجاء باللفظ الآخر عند أحمد وغيره زيادة: وما تأخر .
وأكثر الأحاديث يأتي فيها ذكر ما تقدم من ذنبه وجاء في بعضها ذكر مغفرة ما تأخر، مثل قوله -عليه الصلاة والسلام - وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وهذا عند الجمهور في قوله: غُفر له ما تقدم من ذنبه محمول على الصغائر.
وأختاره أيضًا جمع من أئمة أهل الحديث لعموم هذا الخبر، سبق ما يؤيده من جهة عموم هذه الأخبار، ومن جهة سعة فضل الله -عز وجل- ومن جهة أيضًا ما يكون بقلب العبد من الإيمان بالله -عز وجل- حينما فعل هذا الأمر، بهذا ربما كان في ضمنه التوبة الصادقة.
الذي يقبل على العمل بإيمان واحتساب في الصيام أو في القيام أو في غيره من سائر الأعمال الصالحة فإن في ضمنه غالبًا تكون التوبة، لكن لو أنه أجتهد وعمل شيئا من الأعمال الصالحة ربما كان ضعيفا في باب التوبة عن بعض الأعمال، أو بعض الذنوب التي هي كبائر.
فجنح جمع من أهل العلم إلى أنه إذا كان له عمل عظيم صالح فإنه يكون سببًا في مغفرة هذه الذنوب، كما جاء في بعض الأخبار وعموم بعض الأدلة الدالة على هذا المعنى. والإيمان هو : التصديق بالفضل، والتصديق بمشروعية العمل فيه. والعمل المشروع فيه هو الصلاة، والقراءة، والدعاء، والابتهال، والخشوع، ونحوذلك.. فإن عليك أن تؤمن بأن الله أمر به، وشرعه، ورغب فيه، فمشروعيته متأكدة. وإيمان المرء بذلك تصديقه بأن الله أمر به، وأنه يثيب عليه.
وأما الاحتساب: فمعناه خلوص النية، وصدق الطوية، بحيث لا يكون في قلبه شك ولا تردد، وبحيث لا يريد من صلاته، ولا من قيامه شيئاً من حطام الدنيا، ولا شيئاً من المدح، ولا الثناء عليه، ولا يريد مراءاة الناس ليروه، ولا يمدحوه ويثنوا عليه، إنما يريد أجره من الله تعالى، فهذا هو معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: إيماناً واحتساباً.
وأما غفران الذنوب فإنه مقيد في بعض الروايات بغفران الخطايا التي دون الكبائر، أما الكبائر فلابد لها من التوبة النصوح، فالكبائر يجب أن يتوب الإنسان منها، ويقلع عنها ويندم. أما الصغائر فإن الله يمحوها عن العبد بمثل هذه الأعمال، والمحافظة عليها، ومنها: صيام رمضان، وقيامه، وقيام هذه الليلة.
والعفو معناه: التجاوز عن الخطايا، ومعناه: طلب ستر الذنوب، ومحوها وإزالة أثرها، وذلك دليل على أن الإنسان مهما عمل، ومهما أكثر من الحسنات فإنه محل للتقصير، فيطلب العفوفيقول: يا رب اعف عني. يا رب أسألك العفو.
وقد كثرت الأدعية في سؤال العفو، فمن ذلك دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: اللهم إني أسألك العفووالعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة. وكان بعض السلف يدعوفيقول: اللهم ارض عنا، فإن لم ترض عنا، فاعف عنا.
ويقول بعضهم شعراً: يا رب عبدك قد أتاك، وقد أساء، وقد هفا حمل الذنوب على الذنوب الموبقات وأسرفا يكفيه منك حياؤه من سوء ما قد أســلفا رب اعف عنه، وعافه فلأنت أولى من عفا
فهذا القول ونحوه دليل على أن الإنسان مهما عمل فغاية أمنيته العفووالتجاوز والصفح عن الذنوب والخطايا، وسترها وإزالة أثرها.
فضل تلاوة القرآن : قال تعالى : (إِنّ الَّذِين يَتْلُون كِتَاب اللَّه وَأَقَامُو الصَّلَاةَ وَأَنفَقُو مِمَّا رَزَقْنَاهُم سِرًّا وَعَلَانِيَة يَرْجُون تِجَارَة لَّن تَبُور ) فاطر 29، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ". أخرجه البخارى فى التاريخ الكبير ، قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي": وَهُوَ أَقَلُّ التَّضَاعُفِ الْمَوْعُودِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا )( وَاَللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ ).
هذه فضائل قراءة القرآن وهذا اجره من احتسب الاجر من الله والرضوان والرضوان اجور كثيرة لاعمال يسيرة . وهذه الفضائل شاملة لجميع القرآن . وقد وردت السنة بفضائل سور معينة مخصصة .
غزوة بدر وكان ذلك في صبيحة يوم الثلاثاء 17 رمضان من السنة الثانية للهجرة وامتازت معركة بـدر عن سائر المعارك بدروس متعددة لاتحدها حدود زمان لا مكان الي يوم يـرث الله الأرض ومن عليها ومن خصوصيات معركة بدر وقوعها في شهر رمضان المعظم، وحضـور النبي صَل الْلَّه عَلَيْه وَ سَلَّم بصفته البشرية وقيادته للقتال ، وتنزل الملائكة فيها وقتالهم مع الفئة المؤمنـة ، وحضـور الشياطين وغوايتهم للمشركين وعدم التكافؤ البين بين الفئة الكافرة والمؤمنة ، فضلا عن تنزل القران الكريم بشأنها وتخصيصها بسورة كاملة من السور الطوال هي سورة الانفال التي سمي فيها الخالق جل وعلا يوم بدر يوم الفرقان يوم التقي الجمعان. وقد تعلقت مواقف ومواعظ يوم بدر بعالمي الغيب والشهادة قال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آَلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ} آل عمران .
البركة فى غزوة بدر والبركة هي تضخيم النتيجة للفعل البسيط حتى تصبحَ النتيجة هائلة. وعلى سبيل المثال: الحجارة التي رماها الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وجه الكافرين يوم بدر، وقال: "شاهت الوجوه". فقد أخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدر ثلاث حصيات، فرمى بحصاة في ميمنة القوم، وبحصاة في ميسرة القوم، وبحصاة بين أظهرهم وقال: "شاهت الوجوه"؛ فانهزموا، فذلك قوله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاَءً حَسَنًا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} الأنفال: 17.
إذ ليس في وسع أحد من البشر أن يرمي كفًّا من الحصى إلى وجوه جيش، فلا يبقى فيهم عين إلا ويصيبها منه شيء، ففعل الرمي هذا لا يؤدي إلى النتيجة الضخمة التي أحدثها؛ ولذلك قال الله تبارك وتعالى: {وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى} [الأنفال: 17]. أي أن من أخذ الحصى إلى مرماه الحقيقي هو الله عزَّ وجلَّ.
وفي مقتل أبي جهل العبرة والعظة، فهو من أبرع الفرسان العرب، وقائد المشركين في بدر، وكان محاطًا بكتيبة من المشركين، ومع ذلك يلقى مصرعه على يدي صبيَّيْنِ من المسلمين. ويروي لنا عبد الرحمن بن عوف ما حدث يوم بدر، فيقول: إني لواقف يوم بدر في الصف، فنظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، فتمنيت أن أكون بين أَضْلَعَ(أقوى) منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عم، أتعرف أبا جهل؟ فقلت: نعم، وما حاجتك إليه؟ قال: أُخبرت أنه يسبُّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا. فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال لي أيضًا مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل وهو يجول في الناس، فقلت: ألا تريان، هذا صاحبكم الذي تسألان عنه. فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبراه، فقال: "أَيُّكُمَا قَتَلَه؟" قال كلٌّ منهما: أنا قتلته. قال: "هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟" قالا: لا. قال: فنظر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السيفين، فقال: "كِلاَكُمَا قَتَلَهُ". وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح، وكان الآخر معاذ بن عفراء(البخاري).
إنها البركة، فكيف يقتل صبيَّيان من المسلمين هذا الفارس العنيد الضخم. هذا صبي من المسلمين يقسم أن يقتل زعيم جيش الكافرين، وأبو جهل معروف بقوته وعنفه ، فيحكي معاذ بن عمرو بن الجموح قصة قتله لأبي جهل، فيقول معاذ بن عمرو بن الجموح: سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحَرَجَة(الشجر الملتف) وهم يقولون: أبو الحكم لا يخلص إليه. فلما سمعتها جعلته من شأني فصمدت نحوه، فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة أطَنَّت قدمه بنصف ساقه، فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطير من تحت مِرْضخة النَّوى(ابن هشام: السيرة النبوية).
فالطبيعي أن يقتل أحد فرسان المسلمين الأقوياء أبا جهل، ولكنها إرادة الله أن يُقتل أبو جهل على يد صبيٍّ من المسلمين، فضربة من سيف معاذ تطيِّر ساق أبي جهل، فهذا شيء عجيب؛ لأن ضربة تطير ساق أبي جهل، لا بد أن تخرج من يد فارس قوي، ومتمرس على القتال، أما أن تكون هذه الضربة من هذا الصبي الصغير، ومع ذلك تقضي عليه، فهذا شيء يدهش الإنسان، وكيف يصل هذا الصبي إلى أبي جهل وهو محاط بعدد كبير من المشركين، فالله يريد أن يرينا جنديًّا من جنوده وهو البركة، فضربة ربما تكون بسيطة تفعل الكثير والكثير.
وأبو جهل هو أعجب جنديٍّ من جنود الرحمن، فهو الذي دفع المشركين للقتال في بدر، ودفع أئمة الضلال، وأساطين الشرك للخروج إلى بدر بعد أن نجت قافلة أبي سفيان، وكما دفع فرعون جنوده للدخول في البحر لملاحقة موسى عليه السلام ومن آمن معه، فسقوا كئوس المنايا في مياه البحر، دفع أبو جهل جنوده للقتال في بدر، ودفعهم للخروج من مكة، وقهر أمية بن خلف وعتبة بن ربيعة للخروج، وقهر قريشًا كلها للذهاب إلى بدر، وقال: "والله لا نرجع حتى نَرِد بدرًا، فنقيم عليه ثلاثًا، فننحر الجزور، ونشرب الخمور، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب، فلا يزالون يهابوننا أبدًا" ابن كثير: السيرة النبوية 2/399.
فلو تعقل أبو جهل لما خرجت قريش إلى بدر، ولما قُتل أئمة الكفر، ولما كان يوم الفرقان، ولكن ما كان له أن يتعقل؛ فهو جندي من جنود الرحمن شاء أم أَبَى، حتى يقع ما قدَّره الله جل جلاله.
فضل العشرة الاخيرة من رمضان : عشر رمضان الاخيرة فيها الخيرات والاجور الكثيرة ، فيها الفضائل المشهورة والخصائص العظيمة من خصائها : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يجتهد بالعمل فيها اكثر من غيرها وفي الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ"رواه البخاري في صحيحه(1920).
يقول الامام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري: ( إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ ) أَيِ : الْأَخِيرُ ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْهُ .
(شَدَّ مِئْزَرَهُ ) أَيِ : اعْتَزَلَ النِّسَاءَ.
(وَأَحْيَا لَيْلَهُ ) أَيْ : سَهِرَهُ فَأَحْيَاهُ بِالطَّاعَةِ وَأَحْيَا نَفْسَهُ بِسَهَرِهِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ ، وَأَضَافَهُ إِلَى اللَّيْلِ اتِّسَاعًا ؛ لِأَنَّ الْقَائِمَ إِذَا حَيِيَ بِالْيَقِظَةِ أَحْيَا لَيْلَهُ بِحَيَاتِهِ ، وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ : " لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا " أَيْ : لَا تَنَامُوا فَتَكُونُوا كَالْأَمْوَاتِ فَتَكُونَ بُيُوتُكُمْ كَالْقُبُورِ .
(وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ) أَيْ : لِلصَّلَاةِ ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ مِنْ حَدِيثِ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ : لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ عَشْرَةُ أَيَّامٍ يَدَعُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ يُطِيقُ الْقِيَامَ إِلَّا أَقَامَهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ اعْتِزَالَهُ النِّسَاءَ كَانَ بِالِاعْتِكَافِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِقَوْلِهِ فِيهِ : " وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ " فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ فِي الْبَيْتِ ، فَلَوْ كَانَ مُعْتَكِفًا لَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، فَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ : اعْتَكَفَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ " ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَكِفْ أَحَدٌ مِنْهُنَّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُوقِظَهُنَّ مِنْ مَوْضِعِهِ وَأَنْ يُوقِظَهُنَّ عِنْدَمَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ لِحَاجَتِهِ
وفي هذه العشر المباركة ليلة القدر التي شرفها الله علي غيرها ومن علي هذه الأمة بجزيل فضلها وخيرها اشاد الله بفضلها في كتابه المبين قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ(4)) سورة الدخان.
وصفها الله سبحانه بانها مباركة لكثرة خيرها وبركتها وفضلها ، ومن بركتها : أن هذا القران المبارك انزل فيها . ووصفها سبحانه بانه يفرق فيها كل أمر حكيم يعني يفصل من الوح المحفوظ إلي الكتبة ما هو كائن من أمر الله سبحانه في تلك السنة من الارزاق والاجال والخير والشر وغير ذلك من كل أمر حكيم من اوامر الله المحكمة المتقنة التي ليس فيها خلل ولا نقص ولا سفه ولا باطل ذلك تقدير العزيز العليم .
وقال تعالى : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(2 لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ(4) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ(5)) سورة القدر .
وليلة القدر في رمضان لأن الله انزل القرآن فيها وقد اخبر أن أنزاله في شهر رمضان قال تعالى : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وقال: (شهر رمضان الذي انزل فيه القران ) فبهذا تعين أن تكون ليلة القدر في رمضان وليلة القدر في العشر الاواخر من رمضان لقول النبي صَل الْلَّه عَلَيْه وَ سَلَّم : (تحروا ليلة القدر في العشر الاواخر من رمضان)- متفق عليه . وهي في الاوتار اقرب من الاشفاع لقول النبي صَل الْلَّه عَلَيْه وَ سَلَّم : ( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الاواخر من رمضان) . وجاء فى صحيح البخارى( ص: 306 ) قوله فى ( باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر ): في هذه الترجمة إشارة إلى رجحان كون ليلة القدر منحصرة في رمضان ، ثم في العشر الأخير منه ، ثم في أوتاره لا في ليلة منه بعينها ، وهذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها . وقد ورد لليلة القدر علامات أكثرها لا تظهر إلا بعد أن تمضي ، منها في صحيح مسلم عن أبي بن كعب: " أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها " وفي رواية لأحمد من حديثه : " مثل الطست " ونحوه لأحمد من طريق أبي عون عن ابن مسعود وزاد : " صافية " ومن حديث ابن عباس نحوه ، ولابن خزيمة من حديثه مرفوعا: " ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة " ولأحمد من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا : " إنها صافية بلجة كأن فيها قمرا ساطعا ، ساكنة صاحية لا حر فيها ولا برد ، ولا يحل لكوكب يرمى به فيها ، ومن أماراتها أن الشمس في صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر ، ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ " ولابن أبي شيبة من حديث ابن مسعود أيضا: " أن الشمس تطلع كل يوم بين قرني شيطان ، إلا صبيحة ليلة القدر " وله من حديث جابر بن سمرة مرفوعا : " ليلة القدر ليلة مطر وريح " ولابن خزيمة من حديث جابر مرفوعا في ليلة القدر : " وهي ليلة طلقة بلجة لا حارة ولا باردة ، تتضح كواكبها ولا يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها " ومن طريق قتادة أبي ميمونة عن أبي هريرة مرفوعا: " إن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى " وروى ابن أبي حاتم من طريق مجاهد:" لا يرسل فيها شيطان ، ولا يحدث فيها داء " ومن طريق الضحاك : " يقبل الله التوبة فيها من كل تائب ، وتفتح فيها أبواب السماء ، وهي من غروب الشمس إلى طلوعها "
ولا تختص ليلة القدر بليلة معينة في جميع الاعوام بل تتنقل فتكون في عام ليلة سبع وعشرين وفي عام آخر خمس وعشرين ، تبعا لمشيئة الله وحكمته ويدل على ذلك قوله صَل الْلَّه عَلَيْه وَ سَلَّم : (التمسوها في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) _رواه البخاري .
وقد اخفى الله سبحانه علمها على العباد رحمة بهم ليكثر عملهم في طلبها في تلك الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والدعاء فيزدادوا قربة من الله وثوابا واخفاها اختبارا لهم أيضا ليتبين بذلك من كان جادا في طلبها حريصا عليها فمن كان كسلان متهاونا فان من حرص على شئ جد في طلبه وهان عليه التعب في سبيل الوصول اليه والظفر به .
وربما يظهر الله علمها لبعض العباد بامارات وعلامات يراها كما رأى النبي صَل الْلَّه عَلَيْه وَ سَلَّم علامتها انه يسجد في صبيحتها في ماء وطين فنزل المطر في تلك الليلة فسجد في صلاة الصبح في ماء وطين .
ويستحب كثرة الدعاء في هذه الليلة المباركة، لأنه مظنة الإجابة، ويكثر من طلب العفووالعافية كما ثبت ذلك في بعض الأحاديث، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها؟، قال: قولي: اللهم إنك عفوكريم تُحب العفوفاعف عني. .
ليلة العيد أن الله شرع لكم في ختام شهركم هذا أن تؤتوا زكاة الفطرقبل صلاة العيد قال تعالى : (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الحشر 7، زكاة الفطر فريضة على كل مسلم ؛ الكبير والصغير ، والذكر و الأنثى ، و الحر والعبد ؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ؛ على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين . و أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة " أخرجه البخاري .
وشرع لكم التكبير عند اكمال العدة من غروب ليلة العيد إلي صلاة العيد قال تعالى : (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) البقرة 185 إنَّ التكبير شأنُه عظيم وثوابُه عند الله جزيل وقد تكاثرت النصوص في الحث عليه والترغيب فيه وذكر ثوابه.
يقول الله – تعالى: ( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ) الإسراء111 وقال - تعالى - في شأن الصيام: ( وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )البقرة185 وقال - تعالى - في شأن الحج وما يكون فيه من نُسك يَتقرَّب فيه العبدُ إلى الله:( لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) الحج37 ، وقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ{1} قُمْ فَأَنذِرْ{2} وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ{3} ﴾ المدثر .
التكبير في العيد مندوب ، ولم يرد في صيغة التكبير شيء بخصوصه في السنة المطهرة ، ولكن درج بعض الصحابة منهم سلمان الفارسي على التكبير بصيغة: " الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد " والأمر فيه على السعة ، لأن النص الوارد في ذلك مطلق وهو قـوله تعالى : ( وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ (البقرة 185 ، والمطلق يؤخذ على إطلاقه حتى يأتي ما يقيده في الشرع ... قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: " وإن كبر على ما يكبر عليه الناس اليوم فحسن ، وإن زاد تكبيرًا فحسن ، وما زاد مع هذا من ذكر الله أحببتُه " اهـ .
وزيادة الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأنصاره وأزواجه وذريته في ختام التكبير أمر مشروع ؛ فإن أفضل الذكر ما اجتمع فيه ذكر الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، كما أن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تفتح للعمل باب القبول فإنها مقبولة أبدًا حتى من المنافق كما نص على ذلك أهل العلم؛ لأنها متعلقة بالجناب الأجل صلى الله عليه وآله وسلم .
وبناء على ذلك فمن ادعى أن قائل هذه الصيغة المشهورة مبتدع فهو إلى البدعة أقرب ؛ حيث تحجَّر واسعًا وضيَّق ما وسعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وقيد المطلق بلا دليل ، ويسعنا في ذلك ما وسع سلفنا الصالح من استحسان مثل هذه الصيغ وقبولها وجريان عادة الناس عليها بما يوافق الشرع الشريف ولا يخالفه ، ونهيُ من نهى عن ذلك غير صحيح لا يلتفت إليه ولا يعول عليه والله سبحانه وتعالى أعلم.أه.( أمانة الفتوى بالأزهر الشريف بتاريخ 14/11/2005 م).
لمَّا ذكر اللهُ - تعالى - أحكامَ الصيام وفِقْهَه، وعَزائِمَه ورُخَصَه، أمر عبادَه إذا أكملوا عِدَّةَ الشَّهرِ وأتمَّوا صيامَه أن يكبِّروه شُكراً على ما هداهم إليه من الصيام وغيره من الطاعات، وكذلك أمرهم إذا قَضَوا مَناسِكَهم، فقال - تعالى -: (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199) فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ) البقرة 198-200.
أنّ الدِّينَ كلَّه يُعدُّ تفصيلاً لكلمة ((الله أكبر)) فالمسلم يقوم بالطاعات جميعها والعبادات كلّها تكبيراً لله وتعظيماً لشأنه وقياماً بحقِّه سبحانه، وهذا ممّا يبيّن عظمةَ هذه الكلمة وجلالةَ قدرها، ولهذا يروى عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنّه قال: ( قول العبد : الله أكبر، خيرٌ من الدنيا وما فيها )، فالله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
أن انقضى شهر رمضان فان عمل المؤمن لا ينقضي قبل الموت قال تعالى: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) وقال النبي صَل الْلَّه عَلَيْه وَ سَلَّم: ( أذا مات ابن ادم انقطع عمله ) فلم يجعل لانقطاع العمل غاية إلا الموت فلئن انقضى صيام رمضان فان المؤمن لن ينقطع من عبادة الصيام بذلك ، فالصيام لايزال مشروعا في العام كله ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ". أخرجه أحمد. الدهر: أي سنة كاملة. قالَ الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم:"قَالَ أَصْحَابنَا : وَالْأَفْضَل أَنْ تُصَامَ السِّتَّةُ مُتَوَالِيَةً عَقِبَ يَوْم الْفِطْرِ، فَإِنْ فَرَّقَهَا أَوْ أَخَّرَهَا عَنْ أَوَائِل شَوَّال إِلَى أَوَاخِره حَصَلَتْ فَضِيلَة الْمُتَابَعَةُ، لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهُ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّال، قَالَ الْعُلَمَاء: وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ كَصِيَامِ الدَّهْر، لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَرَمَضَانُ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَالسِّتَّة بِشَهْرَيْنِ. وورد صيام ثلاثة من كل شهر وصيام يوم عرفة وصيام يوم الاثنين والخميس ، وصيام كثير من الايام والشهور التي ورد في ذكرها فضائل .
ولئن انقضى شهر رمضان فان القيام لا يزال مشروعا ولله الحمد في كل ليلة في ليال السنة ثابتا من فعل رسول الله صَل الْلَّه عَلَيْه وَ سَلَّم وقوله عن عبد الله بن سلام أن النبي (صَل الْلَّه عَلَيْه وَ سَلَّم) قال : (أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ ).
الدعاء: اللهم إنا نسألك لسانا رطباً بذكرك، وقلباً منعماً بشكرك، وبدنا هيناً ليناً بطاعتك، وأعطنا مع ذلك: ما لا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ، كما اختبر به رسولك r حسب ما علمته بعلمك، إنك على كلِّ شيء قديرٌ.
اللهم إنَّا نسألك إيماناً دائماً، ونسألك قلباً خاشعاً، ونسألك علماً نافعاً، ونسألك يقيناً صادقاً، ونسألك ديناً قيماً، ونسألك العافية من كل بلية، ونسألك تمام العافية، ونسألك دوام العافية، ونسألك الشكر على العافية، ونسألك الغنى عن الناس.
اللهم إنَّا نسألك التوبةَ الكاملة، والمغفرة الشاملة، والمحبة الكاملة الجامعة، والـخُـلَّة الصافية، والمعرفة الواسعة، والأنوار الساطعة، والشفاعة القائمة والحجة البالغة والدرجة العالية، وفَكَّ وثاقنا من المعصية ورهاننا من النعمة بمواهب المنَّة.
اللهم أرضنا بقضائك، وصبرِّنا على طاعتك، وعن معصيتك وعن الشهوات الموجبات للنقص أو البعد عنك. وهب لنا حقيقة الإيمان بك، حتى لا نخاف غيرك ولا نرجو غيرك، ولا نُحب غيرك ولا نعبد شيئاً سوِاك، وأوزِعنا شكرَ نعمائك وغطِّنا برداء عافيتك، وانصرنا باليقين والتوكل عليك، وأسفر وجوهنا بنور صفاتك، وأضحكنا وبشِّرنا يوم القيامة بين أوليائك، واجعل يدك مبسوطةً علينا وعلى أهلينا وأولادنا ومن معنا برحمتك، ولاتكلنا إلى أنفسنا طرفة عينٍ ولا أقلَّ من ذلك، يا نعم المجيب، يا نعم المجيب، يا نعم المجيب.
اللهم إنَّا نسألك التوبة ودوامها، ونعوذ بك من المعصية وأسبابها، وذكرنا بالخوف منك قبل هجوم خطراتها، واحملنا على النجاة منها ومن التفكُّر في طرائقها، وامح من قلوبنا حلاوة ما اجتنيناه منها، واستبدلها بالكراهة لها، والطعم لما هو بضدها، وأفضْ علينا من بحر كرمك وعفوك، حتى نخرج من الدنيا على السلامة من وبالها، واجعلنا عند الموت ناطقين بالشهادة عالمين بها، وارأف بنا رأفة الحبيب بحبيبه عند الشدائد ونزولها، وأرحنا من هموم الدنيا وغمومها بالروح والريحان إلى الجنة ونعيمها.
(ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)
اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه
| |
|