المنتدى القادرى
أعزاءنا الزوار ,مرحبا بكم، نود ان نلفت إنتباهكم بان تسجيل الدخول بعضوية ضروري لتتمكن من مشاهدة المواضيع الحصرية , فنرغب منكم ان تشاركونا بمشاركاتكم و مواضيعكم !
تفضلوا بالتسجيل
مع تحيات ادارة المنتدى القادرى
المنتدى القادرى
أعزاءنا الزوار ,مرحبا بكم، نود ان نلفت إنتباهكم بان تسجيل الدخول بعضوية ضروري لتتمكن من مشاهدة المواضيع الحصرية , فنرغب منكم ان تشاركونا بمشاركاتكم و مواضيعكم !
تفضلوا بالتسجيل
مع تحيات ادارة المنتدى القادرى
المنتدى القادرى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى القادرى

العقيدة + التصوف + القصص + الثقافةوالادب
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
إن المريد عندما يأتي لسلوك الطريقة ويتتلمذ على يد شيخه فينبغي أن يبدأ بالاستغفار والتوبة إلى الله تعالى فكان لابد على كل من يريد أن يسير إلى الله تعالى أن يصلح ما بينه وبين الله فينبغي أن يتوب إلى الله تعالى ويصلح من حاله مع الله ليبدأ حياة جديدة مع الله بدون ذنوب ولا معاصي فلا يليق بمن يريد أن يقف بين يدي ربه أن يلبس ثياب نجسة أو مسروقة أو مغصوبة بل ينبغي أن يتطهر وكذلك من أراد السير إلى الله ينبغي أن يتطهر من الذنوب والمعاصي والسبيل إلى ذلك كما جاء في أخبار كثيرة ونصوص صحيحة هو الاستغفار والتوبة . ومن هنا اتخذ الصالحون الاستغفار بداية للعهد والبيعة واختاروها بهذه الصيغة أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

 كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 1

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الشريف مالك
مشرف
مشرف
الشريف مالك


عدد المساهمات : 31
تاريخ التسجيل : 04/09/2009

كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 1 Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 1   كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 1 I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 02, 2009 2:29 pm

بـسـم الله الـرحـمـن الـرحـيـم
الـحـمـد لله رب الـعـالـمـيـن و الـصـلاة و الـسـلام عـلـى أشـرف الأنـبـيـاء و الـمـرسـلـيـن
ســـيـدنـا و مـولانـا حـبـيـبـنـا و قـرة أعـيـنـنـا مـحـمـد و عـلـى آلــه و صـحـبـه أجـمـعـيـن


قـال ســـيـدنـا الـشــيـخ مـحـيـي الـديـن أبـو مـحـمـد عـبـد الـقـادر ، رضـي الله عـنـه ، بـكـرة يـوم الأحـد بـالـربـاط ثـالـث شــوال ســنـة خـمـس و أربـعـيـن و خـمـســمـائـة:
الاعـتـراض عـلـى الـحـق عـزَّ و جـلَّ عـنـد نـزول الأقـدار مـوت الـديـن ، مـوت الـتـوحـيـد ، مـوت الـتـوكـل و الإخـلاص ، و الـقـلـب الـمـؤمـن لا يـعـرف لِـمَ و كـيـف لا يـعـرف ، بـل يـقـول : بـلـى الـنـفـس كـلـهـا مـخـالـفـة و مـنـازعـة ، فـمـن أراد صـلاحـهـا فـلـيـجـاهـدهـا حـتـى يـأمـن شــرهـا . كـلـهـا شــر فـي شــر ، فـإذا جُـوهِـدت و اطـمـأنـت ، صـارت كـلـهـا خـيـراً فـي خـيـر . تـصـيـر مـوافـقـة فـي جـمـيـع الـطـاعـات و فـي تـرك الـمـعـاصي . فـحـيـنـئـذ يـقـال لـهـا) يـَا أيـَّـتـُهـا الـنـَّـفـْسُ الـمُـطـْـمَـئِـنـَّـة ارْجـِعـِي إلـَى رَبـِّـكِ رَاضِـيـة ًمَـرْضِـيَّـةيـصـح لـهـا تـوقـان ، و يـزول عـنـهـا شــرّهـا ، و لا تـتـعـلـق بـشــيء مـن الـمـخـلـوقـات ، يـصـح نـســبـهـا مـن أبـيـهـا إبـراهـيـم عـلـيـه الـســلام ، فـإنـه خـرج عـن نـفـســه و بـقـي بـلا هـوى يـجـري و قـلـبـه ســاكـن . جـاءه أنـواع مـن الـمـخـلـوقـات و عـرضـوا نـفـســهـم عـلـيـه فـي مـعـونـتـه و هـو يـقـول : لا أريـد مـعـونـتـكـم ، عـلـمـه بـحـالـي يـغـنـيـنـي عـن ســؤالـي . لـمـا صـحّ تـســلـيـمـه و تـوكـّلـه قـيـل لـلـنـار ): كـُونِـي بَـرْداً و سَــلامـاً عـلـى إبْـرَاهِـيـم مـعـونـة الله عـزَّ و جـلَّ لـلـصـابـر مـعـه فـي الـدنـيـا بـغـيـر حـســاب و نـعـيـمـه فـي الآخـرة بـغـيـر حـســاب . قـال الله تـعـالـى ): إنـَّـمَـا يُـوَفـَّى الـصَّـابـِرُونَ أجْـرَهـُمْ بـِغـَيْـرِ حِـسَــابٍ لا يـخـفـى عـلـى الله شــيء بـعـيـنـه ، مـا يـتـحـمـل الـمـتـحـمـلـون مـن أجـلـه .

اصـبـروا مـعـه ســاعـة ، و قـد رأيـتـم لـطـفـه و إنـعـامـه ســنـيـن الـشــجـاعـة صـبـر ســاعـة إن الله مـع الـصـابـريـن بـالـنـصـر و الـظـفـر . اصـبـروا مـعـه و انـتـبـهـوا لـه و لا تـغـفـلـوا عـنـه . لا تـتـركـوا انـتـبـاهـكـم بـعـد الـمـوت ، فـإنـه لا يـنـفـعـكـم الانـتـبـاه فـي ذلـك الـوقـت . انـتـبـهـوا لـه قـبـل لـقـائـه . انـتـبـهـوا قـبـل أن تـنـتـبـهـوا بـلا أمـركـم ، فـتـنـدمـوا وقـت لا يـنـفـعـكـم الـنـدم . و أصـلـحـوا قـلـوبـكـم ، فـإنـهـا إذا صـلـَحَـت صـلـح لـكـم ســائـر أحـوالـكـم . و لـهـذا قـال الـنـبـي صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم ) فـي ابـن آدم مُـضْـغـة إذا صـلـَحَـت صـلـح لـهـا ســائـر جـســده ، و إذا فـســدت فـســد لـهـا ســائـر جـســده ، ألا و هـي الـقـلـب ( صـلاح الـقـلـب بـالـتـقـوى ، و الـتـوكـل عـلـى الله عـزَّ و جـلَّ ، و الـتـوحـيـد لـه ، و الإخـلاص فـي الأعـمـال . و فـســاده بـعـدم ذلـك . الـقـلـب طـائـر فـي قـفـص الـبـنـيـة ، كـَدُرَّةٍ فـي حـقـّه ، كـمـالٍ فـي خـزانـة ، فـالاعـتـبـار بـالـطـائـر لا بـالـقـفـص ، بـالـدرّة لا بـالـحـقـة ، بـالـمـال لا بـالـخـزانـة.

الـلـهـم اشـغـل جـوارحـنـا بـطـاعـتـك ، و قـلـوبـنـا بـمـعـرفـتـك ، و اشــغـلـنـا طـول حـيـاتـنـا فـي لـيـلـنـا و نـهـارنـا . ألـحـقـنـا بـالـذيـن تـقـدّمـوا مـن الـصـالـحـيـن ، و ارزقـنـا مـا رزقـتـهـم ، كـن لـنـا كـمـا كـنـت لـهـم آمــيــن .

يـا قـوم كـونـوا لله عـزَّ و جـلَّ كـمـا كـان الـصـالـحـون لـه ، حـتـى يـكـون لـكـم كـمـا كـان لـهـم . إن أردتـم أن يـكـون الـحـق عـزَّ و جـلَّ لـكـم ، فـاشـتـغـلـوا بـطـاعـتـه و الـصـبـر مـعـه و الـرضـا بـأفـعـالـه فـيـكـم و فـي غـيـركـم . الـقـوم زهـدوا فـي الـدنـيـا و أخـذوا أقـسـامـهـم مـنـهـا بـيـد الـتـقـوى و الـورع ، ثـم طـلـبـوا الآخـرة و عـمـلـوا أعـمـالـهـا . عـصـوا نـفـوسـهـم و أطـاعـوا ربـهـم عـزَّ و جـلَّ . و عـظـوا نـفـوسـهـم ثـم وعـظـوا نـفـوس غـيـرهـم .

يـا غـلام ، عِـظ ْ نـفـســك أوّلاً ، ثـم عِـظ ْ نـفـس غـيـرك . عـلـيـك بـخـويـصـة نـفـســك ، لا تـتـعـدّ إلـى غـيـرك و قـد بـقـي تـحـتـاج إلـى إصـلاحـهـا . ويـحـك أنـت تـعـرف كـيـف تـخـلـص غـيـرك ؟ أنـت أعـمـى ، كـيـف تـقـود غـيـرك ؟ إنـمـا يـقـود الـنـاس الـبـصـيـر ، إنـمـا يـخـلـصـهـم مـن الـبـحـر الـســابـح الـمـحـمـود . إنـمـا يـردّ الـنـاس إلـى الله عـزَّ و جـلَّ مـن عـرفـه ، أمـا مـن جـهـلـه كـيـف يـدل عـلـيـه ! لا كـلام لـك فـي تـصـرّف الله عـزَّ و جـلَّ و تـحـبـه و تـعـمـل لـه لا لـغـيـره ، و تـخـاف مـنـه لا مـن غـيـره . هـذا بـالـقـلـب يـكـون ، لا بـقـلـقـلـة الـلـســان . هـذا فـي الـخـلـوة يـكـون ، لا فـي الـجـلـوة . إذا كـان الـتـوحـيـد بـبـاب الـدار ، و الـشــرك داخـل الـدار فـهـو الـنـفـاق بـعـيـنـه . ويـحـك أنـت لـســانـك يـتـّـقـي ، و قـلـبـك يـفـجـر . لـســانـك يـشــكـر و قـلـبـك يـعـتـرض . قـال الله عـزَّ و جـلَّ : " يـا ابـن آدم خـيـري إلـيـك نـازل ، و شــرُّك إلـيّ صـاعـد " . ويـحـك تـدّعـي أنـك عـبـده و تـطـيـع ســواه . لـو أنـك عـبـده عـلـى الـحـقـيـقـة ، لـعـاديـت فـيـه و والـيـت فـيـه . و الـمـؤمـن الـمـوقـن لا يـطـيـع نـفـســه و شــيـطـانـه و هـواه . لا يـعـرف الـشــيـطـان حـتـى يـطـيـعـه ، لا يـبـالـي بـالـدنـيـا حـتـى يـذلّ لـهـا بـل يـهـيـنـهـا ، و يـطـلـب الآخـرة فـإذا حـصـلـت لـه تـركـهـا و اتـصـل بـمـولاه عـزَّ و جـلَّ ، يـخـلـص عـبـادتـه لـه فـي جـمـيـع أوقـاتـه . سـمـع قـولـه عـزَّ و جـلَّ ) و مَـا أمِـرُوا إلاَّ لِـيَـعْـبُـدُوا اللهَ مُـخـْـلِـصِـيـنَ لـَـهُ الـدِّيـنَ حُـنـَـفـَـاء (دع عـنـك الـشـرك بـالـخـلـق و وحّـد الـحـق عـزَّ و جـلَّ ، هـو خـالـق الأشــيـاء جـمـيـعـهـا و بـيـده الأشــيـاء جـمـيـعـهـا . يـا طـالـب الأشـيـاء مِـنْ غـيـره مـا أنـت عـاقـل . هـل شـيء لـيـس هـو فـي خـزائـن الله عـزَّ و جـلَّ ! قـال الله عـزَّ و جـلَّ :وَ إنْ مِـنْ شــَـيْءٍ إلاَّ عِـنـْـدَنـَـا خـَـزائِـنـُـهُ.

يـا غـلام نـَـمْ تـحـت مـيـزاب الـقـدر مـوســداً الـصـبـر ، مـتـقـلـداً بـالـمـوفـقـة ، عـابـداً بـانـتـظـار الـفـرج . فـإذا كـنـت هـكـذا صـبّ عـلـيـك الـمـقـدّر مـن فـضـلـه و مـنـنـه مـا لا تـحـســن تـطـلـبـه و تـتـمـنـاه .
يـا قـوم وافـقـوا الـقـدر و اقـبـلـوا مـن عـبـد الـقـادر الـمـجـتـهـد فـي مـوافـقـة الـقـدر . مـوافـقـتـي لـلـقـدر تـقـدمـنـي إلـى الـقـادر . يـا قـوم تـعـالـوا نـذلّ لله عـزَّ و جـلَّ و لـقـدره و فـعـلـه ، و نـطـاطـىء رؤوس ظـواهـرنـا و بـواطـنـنـا . نـوافـق الـقـدر ، و نـمـشــي فـي ركـابـه لأنـه رســول الـمـلـك نـكـرمـه لأجـل مـرســلـه . فـإذا فـعـلـنـا ذلـك مـعـه حـمـلـنـا فـي صـحـبـتـه إلـى الـقـادر ، فـهـنـالـك الـولايـة لله الـحـق ، يـهـنـأ لـك الـشــرب مـن بـحـر عـلـمـه و الأكـل مـن سِــمـاط فـضـلـه ، و الاسـتـئـنـاس بـأنـسـه و الـتـغـمّـد بـرحـمـتـه . هـذا لآحـاد أفـراد مـن كـل ألـف ألـف واحـد مـن جـمـيـع الـعـشــائـر و الـقـبـائـل .

يـا غـلام عـلـيـك بـالـتـقـوى ، عـلـيـك بـحـدود الـشــرع و الـمـخـالـفـة لـلـنـفـس و الـهـوى و الـشــيـطـان و أقـران الـسـوء . الـمـؤمـن فـي جـهـاد هـؤلاء لا يـنـكـشــف رأســه عـن الـخـود ، لا يـنـغـمـد ســيـفـه ، لا يـعـر ظـهـر فـرســه . عـلـى قـربـوس ســرجـه يـنـام . نـوم الـقـوم غـلـبـة ، أكـلـهـم فـاقـة ، كـلامـهـم ضـرورة ، الـخـرس دأبـهـم . و إنـمـا قـدر ربـهـم يـنـطـقـهـم ، فـعـل الله يـنـطـقـهـم و يـحـرك مـنـطـقـهـم فـي الـدنـيـا كـمـا يـنـطـق الـجـوارح غـداً يـوم الـقـيـامـة . يـنـطـقـهـم الله عـزَّ و جـلَّ الـذي يـنـطـق كـل نـاطـق ، يـنـطـقـهـم كـمـا يـنـطـق الـجـمـاد ، يـهـيـىء لـهـم أسـبـاب الـنـطـق فـيـنـطـقـون . إذا أرادهـم لأمـرٍ هـيّـأهـم لـه . أراد أن يـبـلـغ الـخـلـق بـالـنـذارة و الـبـشــارة لارتـكـاب الـحـجـة عـلـيـهـم ، فـأنـطـق الأنـبـيـاء و الـمـرســلـيـن فـلـمـا قـبـضـهـم إلـيـه أقـام الـعـلـمـاء و الـعـمّـال بـعـمـلـهـم فـيـنـطـقـهـم بـمـا يـصـلـح الـخـلـق نـيـابـة عـنـهـم . قـال صـلـى الله عـلـيـه و ســلـم : الـعـلـمـاء ورثـة الأنـبـيـاء .

يـا قـوم اشــكـروا الله عـزَّ و جـلَّ عـلـى نـعـمـه ، و انـظـروهـا مـنـه فـإنـه قـال): و مـا بـِـكـُـمْ مـنْ نِـعْـمَـةٍ فـَـمِـنَ الله ( أيـن الـشــكـر مـنـكـم يـا مـتـقـلـبـيـن فـي نـعـمـه ، يـا مـن يـرى نـعـمـه مـن غـيـره . تـارة تـرونَ نـعـمـه مـن غـيـره ، و تـارة تـســتـقـلـونـهـا و تـنـتـظـرون إلـى مـا لـيـس عـنـدكـم ، و تـارة تـســتـعـيـنـون بـهـا عـلـى مـعـاصـيـه

يـا غـلام تـحـتـاج فـي خـلـوتـك إلـى ورعٍ يـخـرجـك عـن الـمـعـاصـي و الـزلاّت ، و مـراقـبـة تـذكـّـرك نـظـر الـحـق عـزَّ و جـلَّ إلـيـك . أنـت مـحـتـاج مـضـطـر إلـى أن يـكـون هـذا مـعـك فـي خـلـوتـك . ثـم تـحـتـاج إلـى مـحـاربـة الـنـفـس و الـهـوى و الـشــيـطـان . خـراب مـعـظـم الـنـاس مـع الـزلات ، و خـراب الـزهـاد مـع الـشــهـوات ، و خـراب الأبـدال مـع الـفـكـر و الـخـواطـر فـي الـخـلـوات ، و خـراب الـصّـديـقـيـن فـي الـلـحـظـات ، شــغـلـهـم حـفـظ قـلـوبـهـم لأنـهـم نـيـام عـلـى بـاب الـمـلـك . هـم قـيـام قـي مـقـام الـدعـوة يـدعـون الـخـلـق إلـى مـعـرفـة الـحـق عـزَّ و جـلَّ ، لا يـزالـون يـدعـون الـقـلـوب . يـقـولـون : يـا أيـتـهـا الـقـلـوب ، يـا أيـتـهـا الأرواح ، يـا انـس و يـا جـن ، يـا مـريـدي الـمـلـك هـلـمّـوا إلـى بـاب الـمـلـك ، اســعـوا إلـيـه بـأقـدام قـلـوبـكـم ، بـأقـدام تـقـواكـم و تـوحـيـدكـم و مـعـرفـتـكـم و ورعـكـم الـسـامـي و الـزهـد فـي الـدنـيـا و الآخـرة و فـيـمـا ســوى الـمـولـى . هـذا شــغـل الـقـوم هـمّـهـم إصـلاح الـخـلـق ، هِـمـمـهـُـم تـعـمّ الـسـمـاء و الأرض مـن الـعـرش إلـى الـثـرى .

يـا غـلام دع عـنـك الـنـفـس و الـهـوى . كـن أرضـاً تـحـت أقـدام هـؤلاء الـقـوم ، تـرابـاً بـيـن أيـديـهـم . الـحـق عـزَّ و جـلَّ يـخـرج الـحـي مـن الـمـيـت ، و يـخـرج الـمـيـت مـن الـحـي . أخـرج إبـراهـيـم عـلـيـه الـسـلام مـن أبـويـه الـمـوتـى بـالـكـفـر . الـمـؤمـن حـي و الـكـافـر مـيـت . الـمـوحّـد حـي و الـمـشــرك مـيـت . و لـهـذا قـال الله عـزَّ و جـلَّ فـي بـعـض كـلامـه : أول مـن مـات مـن خـلـقـي إبـلـيـس يـعـنـي عـصـانـي ، فـمـات بـالـمـعـصـيـة . هـذا آخـر الـزمـان ، قـد ظـهـر ســوق الـنـفـاق ، ســوق الـكـذب . لا تـقـعـدوا مـع الـمـنـافـقـيـن الـكـاذبـيـن الـدجـالـيـن . ويـحـك ، نـفـسـك مـنـفـقـة كـاذبـة كـافـرة فـاجـرة مـشــركـة كـيـف تـقـعـد مـعـهـا ! خـالـفـهـا و لا تـوافـقـهـا . قـيِّـدْهـا و لا تـطـلِـقـهـا ، اسـجـنـهـا و أجـر عـلـيـهـا حـقـهـا الـذي لابـد لـهـا مـنـه . إقـمـعـهـا بـالـمـجـاهـدات . و أمـا الـهـوى فـاركـبـه و لا تـخـلـه يـركـبـك . و الـطـبـع فـلا تـصـحـبـه ، فـإنـه طـفـل صـغـيـر لا عـقـل لـه . كـيـف تـتعـلـم مـن طـفـل صـغـيـر و تـقـبـل مـنـه ! و الـشــيـطـان فـهـو عـدّوك و عـدوّ أبـيـك آدم عـلـيـه الـســلام . كـيـف تـســكـن إلـيـه و تـقـبـل مـنـه و بـيـنـك و بـيـنـه دم و عـداوة قـديـمـة ! لا تـأمـن مـنـه فـإنـه قـاتـل أبـيـك و أمـك . فـإذا تـمـكـن مـنـك قـتـلـك كـمـا قـتـلـهـمـا . اجـعـل الـتـقـوى سـلاحـك ، و الـتـوحـيـد لله عـزَّ و جـلَّ جـنـدك . فـهـذا الـسـلاح و هـذا الـجـنـد هـم الـذيـن يـهـزمـونـه و يـهـدمـونـه و يـكـســرون جـيـشــه . كـيـف لا تـهـزمـه و الـحـق مـعـك .

يـا غـلام اقـرن بـيـن الـدنـيـا و الآخـرة ، و اجـعـلـهـمـا فـي مـوضـع واحـد ، و انـفـرد بـمـولاك عـزَّ و جـلَّ عـريـانـاً مـن حـيـث قـلـبـك بـلا دنـيـا و لا آخـرة . لا تـقـبـل عـلـيـه إلاّ مـجـرداً مـمـا ســواه ، و لا تـتـقـيّـد بـالـخـلـق عـن الـخـالـق . اقـطـع هـذه الأســبـاب ، و اخـلـع هـذه الأربـاب . فـإذا تـمـكـّـنـت فـاجـعـل الـدنـيـا لـنـفـســك ، و الآخـرة لـقـلـبـك ، و الـمـولـى لـســرّك .


يـا غـلام لا تـكـن مـع الـنـفـس و لا مـع الـهـوى و لا مـع الـدنـيـا و لا مـع الآخـرة ، و لا تـتـابـع ســوى الـحـق عـزَّ و جـلَّ ، و قـد وقـعـت بـالـكـنـز الـذي لا يـفـنـى أبـداً . حـيـنـئـذ تـجـيـئـك الـهـدايـة مـن الـحـق عـزَّ و جـلَّ الـذي لا ضـلال بـعـدهـا . تـُـبْ عـن ذنـوبـك و هـرولْ عـنـهـا إلـى مـولاك عـزَّ و جـلَّ . إذا تـبـت فـلـيـتـب ظـاهـرك و بـاطـنـك . الـتـوبـة قـلـب دولـة . اخـلـع ثـيـاب الـمـعـاصـي بـالـتـوبـة الـخـالـصـة ، و الـحـيـاء مـن الله عـزَّ و جـلَّ حـقـيـقـة لا مـجـازاً . هـذا مـن أعـمـال الـقـلـوب بـعـد طـهـارة الـجـوارح بـأعـمـال الـشـرع . الـقـالـب لـه عـمـل و الـقـلـب لـه عـمـل . الـقـلـب إذا خـرج فـي فـيـافـي الأســبـاب و الـتـعـلــّـق بـالـخـلائـق ركـب بـحـر الـتـوكـل ، و الـمـعـرفـة بـالله عـزَّ و جـلَّ والـعـلـم بـه ، و تـرك الـســبـب و طـلـب الـمـســبّـب . فـإذا تـوسّـط فـي هـذا الـبـحـر فـهـنـالـك يـقـول ) الـذِّي خـَـلـَـقـَـنِـي فـَـهـُـوَ يَـهـْـدِيـن( فـيـهـدي مـن سـاحـل إلـى سـاحـل ، مـن مـوضـع إلـى مـوضـع ، حـتـى يـقـف عـلـى الـجـادّة الـمـســتـقـيـمـة . فـكـلـمـا ذكـر ربـه تـجـلـّـت جـادّتـه و انـكـشــف الـدغـل عـنـهـا . قـلـب الـطـالـب لـلـحـق عـزَّ و جـلَّ يـقـطـع الـمـســافـات ، و يـخـلــّـف الـكـلّ وراءه . فـإذا خـاف فـي بـعـض الـطـريـق مـن الـهـلاك ، بـرز إيـمـانـه فـشـجّـعـه ، فـتـخـمـد نـيـران الـوحـشـة و الـخـوف و يـأتـي بـدلـهـا نـور الأنـس و الـفـرح بـالـقـرب.

يـا غـلام إذا جـاءك الـداء فـاســتـقـبـلـه بـيـد الـصـبـر ، و اســكـن حـتـى يـجـيء الـدواء ، فـإذا جـاء الـدواء فـاسـتـقـبـلـه بـيـد الـشــكـر فـإذا كـنـت عـلـى هـذا الـحـال ، كـنـت فـي الـعـيـش الـعـاجـل . الـخـوف مـن الـنـار يـقـطـع أكـبـاد الـمـؤمـنـيـن ، و يـصـفـّـر وجـوهـهـم و يـحـزن قـلـوبـهـم . فـإذا تـمـكـن هـذا مـنـهـم ، صـبَّ الله عـزَّ و جـلَّ عـلـى قـلـوبـهـم مـاء رحـمـتـه و لـطـفـه ، و فـتـح لـهـم بـاب الآخـرة ، فـيـرون مـأمـنـهـا . فـإذا ســكـنـوا و اطـمـأنـوا و ارتـاحـوا قـلـيـلاً فـتـح لـهـم بـاب الـجـلال فـقـطـع قـلـوبـهـم و أســرارهـم ، و كـثـر خـوفـهـم أشــد مـن الأول . فـإذا تـمّ لـهـم فـتـح لـهـم بـاب الـجـمـال فـســكـنـوا و اطـمـأنـوا و تـنـبـّهـوا و تـبـوّؤا درجـات هـي طـبـقـات شــيء بـعـد شــيء .


يـا غـلام لا يـكـن هـمّـك مـا تـأكـل و مـا تـشــرب و مـا تـلـبـس و مـا تـنـكـح و مـا تـســكـن و مـا تـجـمـع . كـل هـذا هـمّ الـنـفـس و الـطـبـع ، فـأيـن هـمّ الـقـلـب و الـســرّ ، و هـو طـلـب الـحـق عـزَّ و جـلَّ . هـمّـك مـا أهـمّـك ، فـلـيـكـن هـمّـك ربـك عـزَّ وجـلَّ و مـا عـنـده . الـدنـيـا لـهـا بـدل و هـو الآخـرة ، و الـخـلـق لـهـم بـدل و هـو الـخـالـق عـزَّ و جـلَّ . كـلـمـا تـركــت شــيـئـاً مـن هـذا الـعـاجـل أحـدث عـوضـه و خـيـراً مـنـه فـي الآجـل . قـدّرْ أن قـد بـقـي مـن عـمـرك هـذا الـيـوم فـحـســب . تـهـيـأ لـلآخـرة ، تـهـّـدف لـمـجـيء مـلـك الـمـوت . الـدنـيـا طـبـاخـة لـلـقـوم و الآخـرة مـعـمـرة لـهـم . فـإذا جـاءت الـغـيـرة مـن الله عـزَّ و جـلَّ حـالــت بـيـنـهـم و بـيـنـهـا ، و يـقـام الـتـكـويـن مـقـام الآخـرة فـلا يـحـتـاجـون لا إلـى الـدنـيـا و لا إلـى الآخـرة . يـا كـذاب أنـت تـحـب الله عـزَّ و جـلَّ فـي حـالـة الـنـعـمـة ، فـإذا جـاء الـبـلاء هـربـت كـأن لـم يـكـن الله عـزَّ و جـلَّ مـحـبـوبـك . إنـمـا يـتـبـيـن الـعـبـد عـنـد الاخـتـبـار . إذا جـاءت الـبـلايـا مـن الله عـزَّ و جـلَّ و أنـت ثـابـت ، فـأنـت مـحـبّ ، و إن تـغـيّـرتَ بَـانَ الـكـذب و انـتـفـض الأول و ذهـب . جـاء رجـل إلـى الـنـبـيّ صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم فـقـال : يـا رســول الله إنـي أحـبـك . فـقـال : اسـتـعـدّ لـلـفـقـر جـلـبـابـاً . و جـاء رجـل آخـر إلـى الـنـبـي صلى الله عليه و سلم ، فـقـال : إنـي أحـب الله عـزَّ و جـلَّ .فـقـال : اتـخـذ لـلـبـلاء جـلـبـابـاً . مـحـبـة الله و رســولـه مـقـرونـان بـالـفـقـر و الـبـلاء ، و لـهـذا قـال بـعـض الـصـالـحـيـن : و كـل الـبـلاء بـالـولاء كـي لا يـدعـي لـو لـم يـكـن كـذلـك ، و إلا كـان كـل أحـد يـدّعـي مـحـبـة الله عـزَّ و جـلَّ . فـجـعـل الـثـبـات عـلـى الـبـلاء و الـفـقـر تـنـبـيـهـاً عـلـى هـذه الـمـحـبـة رَبَّـنـَـا آتِـنـَـا فِـي الـدُّنـْـيَـا حَـسـَـنـَـة ً وَ فِـي الآخِـرَةِ حَـسـَـنـَـة ً وَ قِـنـَـا عَـذابَ الـنـَّـارِ


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 14
» كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 13
» كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 12
» كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 11
» كتاب الفتح الربانى للشيخ الجيلانى المجلس 10

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدى القادرى :: القسم الثافى والادبى :: المنتدى الادبى :: الكتب-
انتقل الى: